مجتمع مدني

انطلاق فعاليات المؤتمر الثامن لرابطة الأنصار الشيوعيين في أربيل

محمد الكحط-أربيل-
جمعتهم كردستان في الربع الأخير من القرن الماضي وتوزعوا في شتات الأرض وربوعها مكرهين، لكنهم ظلوا أوفياء لمبادئهم ولأفكارهم وحبهم لوطنهم وشعبهم، فهم ملح وزاد هذه الأرض المعطاءة، قضوا هنا في جبال كردستان زهرة شبابهم، وهاهم يعودون اليوم يلتقون بنفس تلك الروح العذبة المحبة للعطاء دوماً، عادوا مرفوعي الرأس شامخين كشموخ جبال كردستان، متألقين بشيب شعر رأسهم جراء الحب الدفين لبلاد الرافدين، أنهم الأنصار الشيوعيين رمز وحدة العراق وعطائه وصورة النضال الوطني الزاهية الألوان، أنهم يمثلون كل الوان الطيف العراقي الجميل، التقوا وسط العناق والمفاجئات في عدم التعرف من النظرة الأولى، فتضاريس وجوههم تغيرت، فلسنوات العمر حوبتها كما يقال، لكنهم على العهد ولن ولم يتغيروا، فبهم عبق التاريخ البطولي والنضال الأسطوري، لهم الأغاني كلها، لهم الحياة بأجمل معانيها، أنهم يمثلون الروح الوطنية الحقيقية الغائبة اليوم، حضروا ليس للقيام بلقاء عابر فقط، بل من أجل أن يعلنوا تضامنهم ووقفتهم مع حراك شعبهم الرافض للمحاصصة الطائفية المقيتة وليعلنوا وقوفهم ضد مافيات الفساد والسياسيين المتلونين، ضد التخلف والجهل، وليقفوا مع مطالب شعبهم في دولة مدنية تحقق العدالة الاجتماعية للجميع.
أنه المؤتمر الثامن للرابطة، بدأ في أربيل صبيحة الأول من أكتوبر 2015م، في بناية وزارة الثقافة في إقليم كردستان، الشعارات والصور تزين المكان، في المدخل معرض للصور الفوتوغرافية للنصير علي البعاج، في داخل القاعة هنالك صور تعرض حياة الأنصار ولقطات عن نضالهم. لحظات ويقف الأنصار والضيوف، لينشدوا نشيد "موطني" ومن ثم نشيد الكرد الخالد ضد الطغاة "أي رقيب"، وبعد كلمات الترحيب بأسم الأنصار ورابطتهم يقف الجميع دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء من الأنصار وكل الوطنيين.
تناوب الأنصار كاوه وأبو خلود ونهرو آلاي على تقديم الفقرات تباعا، ((فأرض كردستان فتحت لنا يوما ذراعيها واسعة من زاخو الى قزلر، وهي تمر بقرى بارزان وسهل حرير، وبيوتاً طينية متوارية في سفوح الجبال والقرى المتناثرة، وقلوبٍ عذبة كعذوبة عيون الماء الرقراقة كالزلال، وأنهار الزاب والخابور، ووجوه تقطر منها الطيبة والبساطة والكرم الكردي، تسبقها كلمات، (بخير هاتن، فرمو، ...)، تتقاسم معنا رغيف خبز العائلة، وبعضا من لبن الماعز على الرغم من شحةِ اليد وشظف العيش، أنها أرض كردستان المعطاءة ...)) بهذه الكلمات بدأت الفقرات، وكانت رسالة رئيس أقليم كردستان مسعود البرزاني التي بعثها معتذرا لكثرة إنشغالاته عن الحضور، التي عبر فيها عن اعتزازه الكبير بعطاء الأنصار الشيوعيين وتضحياتهم الجسام.
وجاءت الكلمات تباعا، كلمة رئاسة أقليم كردستان، قدمها السيد عمر عثمان، بعدها كلمات حكومة الأقليم، وكلمة وزارة البيشمركه، وكلمة ممثل رئيس الوزراء وكلمة نائب رئيس الوزراء، ومن ثم كلمة الحزب الشيوعي العراقي التي قدمها عضو المكتب السياسي للحزب الرفيق د. حسان عاكف (أبو يسار)، وكلمة الحزب الشيوعي الكردستاني، وكل الكلمات أشادت بنضالات وتضحيات الأنصار الشيوعيين وتمنت لمؤتمرهم الثامن النجاح.
وجاء دور الرابطة حيث ألقى الكلمة رئيس الرابطة الرفيق النصير نعمان أبو رائد، ومما جاء في الكلمة، ((نجتمع اليوم بعد ان مرّ عامان على انعقاد مؤتمر رابطتنا السابع، الذي اتخذ جملة من القرارات والتوصيات، وانتخب لجنة تنفيذية لإدارة عمل الرابطة، ومنذ ذلك الوقت، وبلادنا تمر في ظروفِ صعبة ودقيقة على الصعيد السياسي والأمني، هذه الظروف كانت نتيجة منطقية لممارسات الحكومة السابقة، التي تجاهلت المطالب المشروعة لسكان بعض المناطق، الذين خرجوا مطالبين بالخدمات والحياة الكريمة، وعلى الرغم من التحذيرات والنداءات التي أطلقناها، وأطلقتها القوى والشخصيات الوطنية الحريصة، لكن الحكومة استهانت بالمظاهرات والاعتصامات الجماهيرية مما أدى الى تصعيد الموقف الأمني وزيادة التوتر السياسي، الذي أدى بدوره الى تنامي قدرة الإرهابيين على أقتراف أبشع الأعمال الإجرامية بحق أبناء شعبنا العراقي.....)) وأستمرت الكلمة لتقف أمام حراك شعبنا وهبته الوطنية لتعلن صراحة وقوف الأنصار مع تطلعات شعبنا، ((ان الأنصار الشيوعيين اليوم يعربون عن تضامنهم الكامل مع حركة أبناء شعبهم الاحتجاجية المستمرة في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات والمدن العراقية الأخرى، وذلك من خلال مساهمتهم الفعالة ومشاركتهم النشيطة في تلك الاحتجاجات، في كل مكان، مطالبين بإصلاحات جذرية وحقيقية تقتلع الفساد من أساسه وتحاسب الفاسدين،.. ان الانصار الشيوعيين يطالبون الحكومة الجديدة بالتعامل وفق مواد الدستور مع المتظاهرين السلميين، وعدم التعرض لهم والتضييق عليهم وإطلاق سراح المحتجزين منهم فوراً والاستجابة لمطالبهم المشروعة....)).
كما وصل المؤتمر العديد من البرقيات من الأحزاب الوطنية والكردستانية ومنظمات المجتمع المدني وجميعها عبرت عن حبها واحترامها العميق لنضال الأنصار الشيوعيين.
كما تم عرض فلم قصير عن التظاهرات التي يشهدها شعبنا ضد المحاصصة الطائفية واللصوص، تناول حجم وسعة التظاهرات ضد سياسة المحاصصة والفساد.
حسن الختام كان من الشاعر عريان السيد خلف حيث حيث ألقى بعض قصائده الرائعة المعروفة ومرثيات للشهداء، كانت محط إعجاب وتصفيق الجمهور.
أنتهت الجلسة الأولى من المؤتمر، لتستمر مساء نفس اليوم فعاليات المؤتمر، وبعد اعلان شرعية المؤتمر تم انتخاب لجان المؤتمر للرئاسة والتدقيق المالي والاعتماد وكتابة المحاضر والتوصيات والمقترحات وصياغة البلاغ الختامي. ومن ثم بدأت في الجلسات اللاحقة دراسة التقارير الانجازية خلال عامين منذ المؤتمر السابع حتى الآن، واستمرت النقاشات بروح رفاقية عالية وبحرص على تاريخ الأنصار ونضالهم الدؤوب.
وتوالت جلسلت المؤتمر التي تستمر حتى الثالث من أكتوبر.