فضاءات

حوار من داخل استوديو فن الضوء مع الفنانة هناء الخطيب / محمد الكحط

 

 

 

 

افتتحت الفنانة التشكيلية هناء الخطيب أستوديو (محترف) خاص بها يوم 29ديسمبر 2013م في (هودنكا) أحد ضواحي العاصمة السويدية ستوكهولم بحضور عدد من المهتمين بالفن التشكيلي ،و شارك الوزير المفوض في سفارة العراق في السويد الدكتور حكمت جبو وعقيلته مراسيم الافتتاح. الفنانة الخطيب تهدف إلى أن يكون هذا الأستوديو، كمحترف ثقافي لمدّ الجسور الإنسانية والفنية في المهجر إلى عراقنا الحبيب.

ومن خلال افتتاح هذا المحترف، كانت لنا فرصة لإجراء حوار معها عن تجربتها الفنية، فالفنانة هناء الخطيب من مواليد البصرة، ترعرعت وسط عائلة سياسية ثقافية فكرية وفنية، والدها مهدي محمد الخطيب شخصية معروفة، فهو صاحب دار الحكمة وبيت شناشيل العشار الذي أخذته مؤسسة دار التراث، ولا تنسى هناء مكتبة أبيها الغنية بالكتب المتنوعة والتي كانت زادها الأول للتزود بالثقافة والفن، كانت لها غرفة خاصة للرسم منذ الطفولة، وهي لا تنسى معلمتها الأولى في مادة التربية الفنية في الابتدائية (زهرة الشمرتي)، التي كان لها دور في توجيهها ومدها بالتشجيع لتساهم في العديد من المسابقات الفنية، فحصدت الجوائز والهدايا لتفوقها، وتنقلت بين البصرة والنجف وبغداد، أكملت معهد التكنولوجيا سنة 1984، ومن ثم دخلت أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد قسم الرسم لتكملها سنة 1998، وفي تركيا أكملت دراستها الأكاديمية في جامعة أستنبول، وهي عضو في العديد من الجمعيات الفنية منها، جمعية الفنانين العراقيين التشكيليين في العراق والسويد، وكذلك في المنظمة الدولية السويدية للفنانين التشكيليين، وعملت في عدة أماكن منها وزارة التربية ضمن النشاط المدرسي وكانت ضمن هيئات التحكيم فيها، كما كانت الخطيب من بين المتميزين في نشاطات المنجز الثقافي والمهرجانات داخل وخارج العراق.
وساهمت في العديد من المعارض المشتركة والخاصة في العراق والسويد.
مشغلها الأخير يعني الكثير، فحصول فنان على مكان خاص به هنا ليس بالأمر الهين، حوى نماذج من أعمالها، والحاضر هنا يشعر باللمسات الفنية في كل زاوية من زواياه.
أعمال هناء الخطيب تمتاز باستخدامها عدة أساليب ومدارس فنية في نفس اللوحة فنجد التركيب والسريالي أو الواقعي أو التعبيري في نفس العمل، بل تتناول عدة مواضيع وربما مواضيع متضادة في نفس العمل، فقد تجد الفرح والحزن، شيء من الواقع وشيء من الخيال، وبين الثابت والمتغير، حيث نشاهد ذلك من خلال ما طرحته في عملها التركيبي المكون من ثلاثة قطع مثلث كبير يتوسط لوحتين الذي أسمته ( الثابت والمتغيّر) الذي نفذته في ٢٠١٠ حيث جاءت تسمية أسم المعرض حينها بأسم هذا العمل، و قد افتتحت به محترفها الأخير، كونه يمثل لها معنى كبيرا، ولا تنسى الخطيب ان تزين أعمالها بالنظريات الحسابية وبالطلاسم كالتعاويذ التي يستخدمها الساحر، فهي تجذب المتلقي ليتعمق في معرفة سر لوحاتها.
كما تحاول الفنانة أكتشاف سر التكوين وسر الوجود، فنجد في معظم لوحاتها سيادة لون واحد، حيث تتدرج مستوياته من خلال الضوء واللون الأبيض لتتدرج كثافة نفس اللون في اللوحة بقدرات فنية متميزة، كما تحمل لوحاتها انعكاسا لحالتها النفسية وتعكس روحها المتمردة.
حاورناها عن رسالتها الفنية من خلال ممارستها فن الرسم فتقول، ((أنا أتوسط عالمين ومستويين ولكنني أتعامل مع كل المستويات، أحاور العقول، رسالتي هي بطريقتي أحول المعاني والمحسوسات والغير مرئيات وأنقلها من عالم إلى آخر، الكثير يحاول أن يعكس ما بداخله ليكون مفهوما لدى ذهن المتلقي))، وعن فهمها لمعنى الفن تقول، ((الفن له معنى كبير فهو الحياة بالنسبة لي، فهو وما يحمله من ألوان لها دلالات رمزية وتعبيرية، لقد تعمقت في دراسة الضوء ودرست سرعته وانعكاسه، فأضاف لي ذلك الكثير، فالنور يلعب دورا في أظهار الجمال، فلولا تعاقب الليل والنهار لما استمرت الحياة أو تلونت بهذا الشكل البديع، النور هو أساس الحياة لذا كان أسم الأستوديو مستنبطا من هذه الفلسفة –فن الضوء-..)).
وعن مدارسها الفلسفية التي تؤمن بها حاليا تقول، ((أنني أتعمق الآن بالدراسات الروحانية وساعدتني في الاطلاع على نمط تفكير الإنسان، أسعى لمعرفة ما وراء الطبيعة، استكشاف العالم الميتافيزيقي، وهذا ما أحاول أن أجسده في أعمالي القادمة، في معرضي القادم لوحات كبيرة تحت أسم –بوابات-)).

وحول الأساتذة الذين مروا بحياتها وبمن تأثرت بهم وكان لهم الأثر في تطور ملكتها الفنية تتحدث، ((من أساتذتي في الأكاديمية ممن أعتز بهم الدكتور أسعد الطائي، ود ماهود، والدكتور فاضل خليل والدكتور عياض الدوري الذي كان مدرسة في علم الألوان، والدكتور كريم خضير والدكتور زهير صاحب الذي علمني فلسفة الجمال، وخارج الأكاديمية كان مع الفنان إسماعيل الشيخلي الذي لقبني بـ (ملكة الفحم) بعد أن شاهد أعمالي الفنية بمادة الفحم، وكذلك تأثرت بالدكتور علاء بشير بفكره وفلسفته، تأثرت بأعمال جواد سليم واستخدامه الرموز السريالية واستفدت من مدرسة الفنان فائق حسن في مزج الألوان، علما أنني شاركت مع تسعة فنانين لإعادة تزيين واجهة الأكاديمية في بغداد سنة 1998م من شناشيل إلى خيول فائق حسن.)).
وكيف تجد الفنانة هناء الخطيب نفسها في هذه المرحلة بعد كل تلك التجارب والأعمال تقول، ((أسلوبي الحالي أكثر غنى، وأجد نفسي أمام مسؤولية أكبر سواء في الفكر وفي التنفيذ، وعليّ تجنب الأخطاء السابقة ان وجدت، سواء في المجال الفني أو الفكري، بعد كل هذا المخاض أجد نفسي أكثر نقاء واقتراب من الروحانيات.
أعتقد وجدت الطريق مبلطا أمامي، ولم أعد مشتتة، أشعر الآن عرفت هدفي وطموحي، وهذا ما سأجسده في معرضي القادم من خلال الأعمال التي ستقدم.)).
حاورناها عن سر وجود صورها ضمن بعض الأعمال فأوضحت ((هنالك في كل عمل جزء من هناء الخطيب لربما ظلي أو صورتي أو إيحاءات من ذاتي، ولربما يدخل كل ذلك دون إرادتي دون أن أشعر)).

هناء الخطيب لا تفكر بالربح المادي من أعمالها، وحتى المحترف الحالي فهي تهدف منه أن يكون ملتقى وكصالون ثقافي يسمح للمثقفين بالالتقاء والتحاور، وتتحمل هيّ كل تكاليفه.

في ختام حوارنا تمنينا لها النجاح في مشاريعها الفنية والعطاء الدائم.