فضاءات

ستوكهولم: ندوة وسيمنار ضد الإرهاب

لنقف جميعا ضد الإرهاب

محمد الكحط –ستوكهولم-
برعاية السفارة العراقية في السويد وبالتعاون مع المركز الثقافي العراقي في السويد والجمعية السويدية العراقية وبحضور دبلوماسي رسمي، تم عقد جلسة حوارية (سيمنار) تحت عنوان ((معاً ضد الإرهاب))، كان ذلك ظهر يوم الخميس 30 اكتوبر/ تشرين الأول 2014م في ستوكهولم، وحضرته العديد من وسائل الإعلام، وكانت الفعالية تدار باللغة الإنكليزية كون معظم الحضور من دبلوماسيين وأعضاء من البرلمان السويدي وصحفيين.

في بداية الفعالية رحبت عريف الفعالية السيدة بان الفضلي، بالجميع وبالسفير العراقي بكر فتاح حسين وبالضيف وكيل وزارة الثقافة العراقية السيد طاهر ناصر حمود وبالسفراء وبالدبلوماسيين العرب والأجانب وبممثلي الأحزاب والقوى السياسية العراقية في السويد وبالضيوف جميعا، ثم دعت الجميع إلى الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الشهداء وضحايا الإرهاب في كل مكان.
ثم تحدثت عن الإرهاب والوضع الأمني في العراق، والعمليات العسكرية في كل من العراق وسوريا ضد العصابات الإجرامية وما يسمى ب "داعش". ثم قدمت السفير الاستاذ بكر فتاح حسين ليقدم كلمته في الأمسية، والذي رحب وشكر بدوره الجميع على حضورهم وتلبيتهم الدعوة للقاء والتحاور بهذه الموضوعة المهمة التي باتت مصدر إهتمام الجميع في كل مكان في العالم، إلا وهي الإرهاب. وهذه فرصة للقاء وتبادل الأفكار حول كيفية مواجهة الإرهاب في كل مكان، مؤكدا ان الخطر يهدد الجميع وليس فقط العراق وسوريا والشرق الأوسط، ونوه ان الحل يجب ان لا يكون فقط عسكريا بل يحتاج الى الحل السياسي بجانب الحل العسكري، وأشاد بالتعاون والتنسيق بين القوات العراقية وقوات البيشمركة وقوات التحالف الدولي. ومما جاء في كلمته: ((أن أهمية هذه الندوة وضرورتها تأتي من حقيقة ان جذور هذه الحرب وتأثيراتها لا تقتصر على سوريا والعراق وحدهما أو على الشرق الاوسط فحسب، وإنما صار لها طابع عالمي واسع، ومن هذا المنطلق أيضا كان الاهتمام العالمي بها، وطرحها على بساط البحث في اجتماعات مجلس الامن واتخاذ قرارات جماعية هامة حولها، وتكوين حلف عالمي واسع مهمته التصدي لهذه الدولة الارهابية والقضاء عليها نهائيا، ساهم فيه لحد الان الكثير من دول المنطقة ايضا من خلال الدعم العسكري والمادي والمعنوي.
ان وقف إرهاب هذا التنظيم يتطلب بذل جهود فكرية وسياسية وتعبوية كبيرة للتصدي له، وخاصة بين جماهير المسلمين البسطاء في منطقة الشرق الاوسط والعالم. ونحتاج الى بذل جهود لا تقل عن ذلك في دول اوروبا وامريكا وكافة انحاء العالم لمحو التأثيرات السيئة والسلبية التي تركها ويتركها إرهاب الدولة الاسلامية (داعش) في أذهان الناس، خاصة وان هذا التنظيم الارهابي يروج لاعماله تحت شعارات ورايات اسلامية، والاسلام برئ منها....))
بعدها تحدث وكيل وزارة الثقافة العراقية السيد طاهر ناصر حمود مؤكدا أنها فرصة طيبة لمناقشة موضوعة الإرهاب وآثاره في هذا الظرف الحساس، وأكد ان التحالف الدولي الذي تشكل يعبر عن الالتزام الأخلاقي العالمي وكون الارهاب لم يعد تأثيره محصورا ببلد معين أو منطقة واحدة. موضحا ان هنالك أسبابا عديدة تقف وراء توسع الإرهاب وتمدده منها عوامل فكرية وثقافية، فهنالك الترويج للأدبيات التي تحرض وتدفع للإرهاب، وكذلك الدعم الكبير من بعض الجهات لقوى إرهابية في سوريا وربما في العراق، وقبلها دعم تنظيم القاعدة الإرهابي. وأكد على ضرورة تجفيف منابع الإرهاب من قبل جميع الدول فهذه مسؤولية أخلاقية، ومحاربة البنية الفكرية له.
كما تحدث عميد السلك الدبلوماسي العربي في السويد سفير دولة الكويت السيد علي النخيلان، مرحبا بالجميع مؤكدا كون الإرهاب يمس مستقبل الجميع، مرحبا بقرار السويد الذي صدر هذا اليوم والقاضي بالأعتراف الكامل والرسمي بدولة فلسطين، داعيا الى التعاون من قبل الجميع لمحاربة الإرهاب.

((وبالمناسبة كان هذا اليوم له خصوصية حيث أعلنت فيه وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم أن حكومة بلادها اعترفت رسميا بدولة فلسطين، لتكون بذلك أول بلد عضو في الاتحاد الاوروبي يتخذ قرارا من هذا النوع.
وقالت فالستروم في مقال نشرته صحيفة "داكينز نيهيتر" إن "الحكومة تتخذ اليوم قرار الاعتراف بدولة فلسطين. إنها خطوة مهمة تؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير". وأضافت "أن الحكومة تعتبر أن معايير القانون الدولي لاعتراف بدولة فلسطين قد استوفيت "أي أرض ولو بدون ترسيم حدود"، شعب وحكومة، معربة عن أملها في "أن يدل ذلك الآخرين إلى الطريق)).
بعدها تحدث السفير الالماني في السويد مرحبا باللغة العربية بالجميع كونه قضى عدة سنوات في مصر، وكان متفائلا كون العراق أكمل تشكيل الحكومة ويوجد وزير دفاع معين وهنالك مشاركة من الجميع في الحكومة الجديدة، وأكد على ضرورة جلوس الجميع والتحدث مع بعض لحل جميع المعضلات.
وقدمت الشابة فاتن الحسيني كلمة مؤثرة موضحة طبيعة الارهاب وكونه لا دين له والإسلام هو دين محبة وسلام وأوضحت دور الاعلام المظلل في تشويه الحقائق والتأثير على الأفكار، فالعالم عالم إنساني واحد.
وفي وقفة تعبيرية كان هنالك غناء من أجل السلام في العالم قدمه الفنان الشاب دَرون وهو أحد ضحايا النظام الدكتاتوري من أبناء حلبجه، والذي كان طفلا عندما تعرض وأهله إلى الغازات السامة ففقد بصره، وقد حضر ليساهم بالأمسية، ولتصدح حنجرته بأغنية أثارت مشاعر الحضور، وفي الختام القى كلمات معبرة أكد فيها على انه يأمل ان يعم السلام في العالم أجمع.
بعدها بدأ السيمنار الثقافي الذي أداره السيد ماكس ثودستروم وهو صحفي سويدي وساهم فيه كل من البروفيسور هانس برون والصحفي السويدي أوربان حميد والسيد توماس ماكنوسون الرئيس السابق لمكتب السلام العالمي في السويد، حيث قدموا العديد من الاجابات التي طرحها السيد ماكسي، فتحدث السيد أوربان حميد عن مشاهداته الميدانية في العراق والتي عاد منها قريبا، فقد التقى مجموعة من الشباب في أبو نواس وسألهم عن انتماءاتهم الطائفية، فتعجب كونهم كوكتيل منهم الكردي والعربي والسني والشيعي والشبكي، وانهم لم يفكروا بهذه الأمور الطائفية، وهذه هي صورة الواقع الحالي في العراق، ولكن الفوضى التي حصلت بسرعة وولدت العنف والمشاكل لها أسبابها، منها التهميش والتمييز وعدم إشراك الجميع في إدارة الدولة، وكذلك الوضع في سوريا وأتساع الأعمال الارهابية وتمددها، وكان للسياسة التي بنيت على المحاصصة الطائفية تأثير كبير على تأزيم الوضع.
وما يحتاجه العراق اليوم ان يشارك الجميع بالعمل السياسي وصنع القرار، وعدم تهميش أي طرف، ولابد من إعادة الثقة بين جميع الأطراف. والمهم عدم السماح للبلدان الخارجية التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، وكذلك التدخل العسكري لا يحقق لوحده نتيجة نهائية، فكما نرى في افغانستان حتى اليوم لا زال العنف مستمرا. كذلك التدخل الخارجي يعطي مبررا لقوى معينة ان تقاتل ضد القوات الأجنبية.
اليوم يجب التكاتف من قبل جميع القوى مع القوات العراقية من جيش وبيشمركة وينسى الجميع مشاكلهم وخلافاتهم من أجل الحرب ضد داعش وكل قوى الإرهاب.
كما تحدث السيد توماس ماكنوسون عن الارهاب بشكل عام، مؤكدا ان الحلول العسكرية لإنهاء النزاعات، هي حلول مؤقته وغير مجدية، يجب ان نضع أسس لثقافة السلام وكيفية حل الأزمات والمشاكل بالطرق السلمية، ونبذ الحلول العسكرية.
بالنسبة للعراق هنالك وجود تدخل كبير من القوى العالمية والاقليمية، التي لديها مصالح في العراق، أكد ان الحل يجب ان يأتي من الشعب العراقي وليس من أي طرف آخر، مشيرا الى أهمية وضرورة السير بالعملية السياسية وبناء الديمقراطية وتعميق مشاركة المرأة ويكون للنساء دور فعال في كافة مجالات العمل السياسي، وبدون ذلك فالوضع محكوم عليه بالفشل.
بعدها أجاب المحاضرون في السيمنار على بعض وجهات النظر والمداخلات التي تقدم بها الحضور، والتي أكدت جميعها على نبذ الارهاب والعنف، والمناشدة لان يعم السلام والاستقرار والتفاهم بين جميع البلدان.
في الختام شكرت السيدة بان الفضلي جميع المساهمين في السيمنار والمتداخلين على مساهمتهم القيمة في المداخلات وآرائهم المهمة في موضوعة الإرهاب، ودعت الجميع لتناول الطعام.
كانت الفعالية مهمة وجاءت في وقت عصيب يمر به بلدنا ولا تزال الحاجة الى مزيد من النشاطات الثقافية والسياسية في جميع أنحاء العالم للوقوف بوجه الإرهاب، وإشراك جميع قوى الخير للتضامن بشتى الطرق للضغط على صناع القرار لأتخاذ خطوات فعالة لتجفيف منابع الإرهاب ومحاربته فكريا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا وعسكريا، نعم لنكون جميعا معا ضد الإرهاب.