فضاءات

ستوكهولم: إحياء الذكرى الـ 27 لجريمة حلبجة


محمد الكحط –ستوكهولم
تصوير: سمير مزبان
حلبجة، كي لا ننساها، ولتغدو المدينة التي أرادوها حطاما، مدينة للسلام وشعلة من أجل الحرية، ولأجل ذلك أقامت السفارة العراقية في السويد بالتعاون مع ممثلية حكومة إقليم كردستان حفلا لإحياء ذكرى جريمة حلبجة، يوم الأثنين 16 تموز في ستوكهولم، في بناية المركز الثقافي العراقي في السويد، حضر الحفل السلك الدبلوماسي في السفارة العراقية يتقدمهم السفير العراقي في مملكة السويد الأستاذ بكر فتاح حسين، والوزير المفوض في السفارة الدكتور حمكت جبو، وحضر رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية السيد روبرت رايدبيرين.
كما حضر عدد من السفراء والدبلوماسيين من ممثلي السفارات الأجنبية المتواجدة في السويد، منهم سفير دولة الكويت ولبنان وليبيا والسودان وفلسطين وأرمينيا ونيكاراغوا وماليزيا واندونوسيا وتركيا وممثل عن السفارة الجزائرية والقائم بأعمال السفارة الايرانية، كما حضر عدد من أعضاء البرلمان السويدي، وعدد من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية العراقية، وجمهور من أبناء الجالية المتواجدين في ستوكهولم.
في الاستقبال كان هنالك معرض للفن التشكيلي للفنانين حسين القاضي وعباس الدليمي، أعمال تعكس حجم معاناة شعبنا من جرائم نظام صدام ومن الأعمال الإرهابية لداعش ومثيلاتها.
بدأت الفعالية مع عزف للناي الحزين وصور عن مأساة حلبجة ومعاناة سكانها المسالمين.
تقدمت السيدة بان فضلي بكلمة ترحيبية دعت الجميع للوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء حلبجة، بعدها تم عرض فلم عن حلبجة من انتاج وزارة الثقافة والشباب في إقليم كردستان، حاكى تاريخ المدينة ومن ثم ما تعرضت له من جريمة نكراء، وتابعت السيدة بان تقديم فقرات البرنامج، والتي توالت تباعا.
حيث كانت كلمة السفير العراقي الأستاذ بكر فتاح حسين التي أشار فيها إلى أبعاد الجريمة وآثارها، شاكرا الحضور لتلبيتهم الدعوة لأحياء ذكرى هذه المأساة وعلينا العمل جميعا كي لا تتكرر مستقبلا، ومما جاء في الكلمة ((منذ ذلك اليوم المشؤوم صارت حلبجة رمز آخر للمآسي الانسانية، حالها في ذلك حال مدينتي هيروشيما وناغازاكي. وبعد أن اصدرت المحكمة العليا في العراق حكمها العادل باعتبار ما جرى في حلبجة والأنفال من جرائم الابادة الجماعية التي استهدفت الشعب الكردي، ولكن مئات المقابر الجماعية التي اكتشفت في كافة انحاء العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، أظهرت ان الابادة الجماعية كانت شاملة لجميع مكونات الطيف العراقي،عرقيا ودينيا.
واليوم يواجه العراق والعراقيون استمرارا لكارثة الابادة الجماعية، ولكن هذه المرة على يد منظمة (داعش) الإرهابية الطائفية، التي شمل إرهابها جميع مكونات الشعب العراقي، وخاصة من الأقليات العرقية والدينية. أن هذا التنظيم الارهابي عمل ويعمل في سبيل القضاء على التمايز والتعددية الجميلة التي تميز بها العراق على مدى آلاف السنين. فقد شن هجمات مبرمجة على الاقليات العرقية والدينية، وأقدم على ارتكاب جرائم قتل جماعية بين الايزديين والاشوريين والكلدان والشبك والتركمان والأكراد والعرب، وقام باغتصاب المئات من النساء، وشرد الملايين من بيوتهم ولم تقتصر جرائهم على البشر، وإنما امتدت اياديهم الآثمة الى التراث التاريخي والموروث الثقافي والحضاري الذي كان ذخرا للعراق وموضع فخره أمام العالم على مر العصور.....
اننا نفهم بالطبع ان انزال الهزيمة بالإرهاب والتطرف لا يكون بالوسائل العسكرية وحدها، وإنما هناك حاجة ماسة لخوض نضال فكري طويل لمحو الاثار السيئة التي تركتها وتتركها في نفوس وعقول أنصار الإرهاب والتطرف. ....
لقد قامت حكومتنا بتعويض حلبجة على المأساة التي عاشتها، وأعطتها صلاحيات كثيرة بعد ان شكلت منها محافظة هي المحافظة الـ 19 في العراق والرابعة في كردستان. ونحن نتطلع الآن الى ان يقوم المجتمع الدولي بإنصافها كذلك من خلال تكريمها دوليا وتسميتها مدينة السلام.
وهنا لا يسعني سوى ان اقدم جزيل شكري للبرلمان السويدي الذي اعتبر ما حدث في حلبجة من أعمال الإبادة الجماعية، وان اقدم خاص شكري للشعب السويدي الصديق الذي يحتضن اكثر من 200 الف عراقي، وان اشكر الحكومة السويدية على الدعم الفعال الذي تقدمه للعراق في الكثير من المجالات، وخاصة المساعدات الانسانية لضحايا الارهاب، والدعم في مجال مكافحة الإرهاب)).
أما كلمة رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية السيد روبرت رايدبيرين، فأكد اننا لا ننسى هذه الجريمة وما أدت اليه من تراجيديا بشرية، واليوم نجد داعش تمارس الإرهاب بأبشع صوره، وتحاول العودة بالتاريخ الى الوراء، وأكد ان الحكومة السويدية مستمرة بدعم الجهود من أجل السلام.
وكان لممثلية حكومة إقليم كردستان في السويد وشمال أوربا كلمة ألقاها السيد شورش قادر رحيم، والتي أشار فيها إلى حجم الدمار والخراب الذي لحق بمدينة حلبجة ومأساة أهلها وتشرد من بقي حياً منهم. والتي علينا اليوم ان نعمل من أجل ان لا يكرر ذلك ليس من أجلنا فقط بل من أجل الجميع.
وكانت هنالك كلمة قصيرة لسفير دولة الكويت الأستاذ علي إبراهيم النخيلان وهو عميد السلك الدبلوماسي العربي في السويد والذي أستذكر جرائم نظام صدام المقبور، مؤكدا أن جرائمه ليس ضد العراقيين فقط. وأكد على ضرورة التحدي لوقف كل أنواع المآسي ضد الوجود البشري، ومن أجل السلام، وكرر لا لا لا لمزيد من القتل لا للسلاح الكيمياوي.
ومن ثم تم عرض فلم "دموع من دم" وهو يعكس مأساة مواطن فقد كل عائلته في حلبجة.
بعدها القى عضو البرلمان السويدي السيد فريدريك مالم وهو يدير الشبكة الكردية السويدية، أكد فيها على دعم الجيش العراقي والبيشمركة.
أما هيئة الأحزاب والقوى الوطنية العراقية في السويد فعبرت كلمتها التي قدمها السيد آسو عارف عن تضامنها مع أبناء حلبجة، وشجبت موقف الدول الغربية الصامت في حينها، وطالبت بأعتبار يوم 16 آذار يوم عالمي لضحايا الأسلحة الكيمياوية وضد انتاجها واستخدامها. واليوم تعود داعش لترتكب جرائم كبيرة ضد جميع مكونات الشعب العراقي. وناشدت الكلمة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته والوقوف مع شعبنا ضد الإرهاب.
وكان لعزف الناي الذي قدمه الفنان ناظم علي في بداية الفعالية ونهايتها وقعاً حزيناً على الحضور وكأن الناي الجبلي الحزين يحكي مأساة شعبنا.
وبالموسيقى الحزينة انتهت مراسيم الحفل، وشكرت السيدة بان الجميع على مشاركتهم الفعالية، ودعتهم لتناول الطعام في مأدبة من المطبخ العراقي.