فضاءات

وسنحتفل دوما بسطوع نجمك في سماء العراق / د. علي الخالدي

لقد كُتب على الشيوعيين خلال امتداد تاريخ نضالهم الوطني ، أن يكونوا ضحايا لكل اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية التي توالت على حكم عراق الخير ، ولا تزال مفردات لغة معاداتهم تحتل عقول الكثير ، ممن لا يريدون الخير للشعب والوطن و يطلقونها بين حين وآخر ، لتشويه جذورهم الممتدة عميقا في تربة وادي الرافدين ، والتي سقتها دماء الآلاف من شهدائه اﻷبرار. ومع قرب موعد عيد ميلاد حزبهم الحادي والثمانين الميمون ، يشتد التباري بين البعض ، بكيل التهم وإلصاق المواقف غير اللائقة ، للأخذ من هذا الصرح الشامخ الذي أعتلى موقعه بين أوساط جماهير شعبنا ، رافعا قضية الشعب ، في الحياة الحرة الكريمة ، فإعتبرته الجماهير الشعبية مدرسة الوطنية الحقة ، لتخريجه العديد من المناضلين الذين عبدوا طريق السير نحو الوطن الحر والشعب السعيد منها . كان ولا يزال المعين الذي لا ينضب برفد الحركة الوطنية ، بالعديد من العلماء والكتاب والفنانين المرموقين ، و غيرهم من رجال الثقافة والعلم الذين أغنوا التراث الشعبي العراقي بإبداعهم وإنتاجهم ، المُشَبع بأفكار الشهداء الخالدين فهد وسلام عادل ورفاقهم اﻷبطال ، مواصلين تماهيها ، مع إرادة وتطلعات اﻷمة العراقية ، نحو إشاعة الديمقراطية السياسية والعدالة اﻷجتماعية ، وصولا الى تحقيق المساواة بين كافة مكوناتها العرقية في الحقوق والواجبات
وﻷن نهج الحزب كان كذلك على طول الخط ، فلم تستطع وحوش اﻷنظمة الرجعية ، والدكتاتورية ان تقتلع جذوره من تربة الوطن ، وتعزله عن ساحة النضال ، و سر ذلك يكمن في تماهيه مع الجماهير ، فلا غرابة ان يتهيأ أبناء شعبنا ، اينما وجدو في بقاع العالم ، للإحتفال بمولد شيخ الاحزاب الوطنية العراقية الحزب الشيوعي العراقي معبرة عن أعتزازهم وفرحتهم بهذا اليوم السعيد .
ومع قرب التحضيرات لإحتفالنا بالعيد الحادي والثمانين ، تفرض الذاكرة نفسها ، وتعيدنا الى حيثيات إشتراكنا بإحتفال منظمة عدن بالعيد الخمسيني لميلاده ،عندما كنا نعمل في صنعاء . فبدون معرفة مسبقة بذلك ، أسْتُنهضت في نفوسنا كل مجسات ضرورة المشاركة فيها . فمنذ نعومة أظافرنا ونحن حريصين غلى اﻷحتفال بذكرى الميلاد سرا أو علنا . وبما أن لخمسينية الميلاد طعم خاص ، لذا تحرك فينا شعورا داخليا لازمنا ، فارضا نفسه علينا بضرورة مشاركة رفاقنا في عدن فرحتهم بالعيد، علاوة على كونها فرصة للقاء من فرقنا عنهم حراس الحدود ، و على الرغم من أن العلاقات بين صنعاء وعدن كانت متوترة ، لكن المشاركة بهذه المناسبة تبرر عواقب تحايلنا على مسؤولينا ، برغبتنا في التعرف على حياة مخيمات اللاجئين في عدن ، وقد أستجيب لطلبنا ومنحنا اﻷجازة . .
عند خروجنا من مطار عدن ، ونحن لا نملك أي عنوان لنتوجه اليه ، جلب إنتباهنا سائق تاكسي ، بدى وكأنه من بقايا اﻷحتلال اﻷنكليزي ، كما تدل هيأته ولون بشرته وشعره اﻷحمر ، طلبنا منه أن يقودنا الى مكان يتواجد فيه العراقيون ، فقادنا الى بناية ، في خور مكسر . دلف اليها ، وبعد برهة خرج بصحبة الرفيق الطيب الذكر د. رحيم عجينة الذي أبدى استغرابه ، لعدم معرفته المسبقة بوصولنا . ساعدنا في العثور على فندق مع بطاقتين دعوة لحضور اﻷحتفال . وهكذا تحقق حلمنا بحضور الخمسينية للميلاد . عشنا مع الرفاق في عدن فرحة شعبنا وهو يقارع نير الدكتاتورية ، وأمضينا معهم أحلى اﻷوقات ، و بقية اﻷيام في ساحل عدن الذهبي ، والتجول في كورنيش عدن البحري . عايشنا مشاهد لم نعتد على مشاهدتها في صنعاء .
عند قرب موعد عودتنا الى صنعاء ، إعترض اﻷطفال على مغادرتنا عدن لجمالها بالقياس بصنعاء . لقد حققنا حلمنا في المشاركة بخمسينية الميلاد وبذلك لم نفوت أي مناسبة وطنية وحزبية ، حيث بنفس العام أحتفلنا بذكرى ثورة تموز ( السادسة والعشرين ) مع الطلبة العراقيين في بودابست .كان تواصلنا مع الوطن تقوم به جريدة طريق الشعب السرية الطباعة ، فأينما حللنا ، كانت تصلنا بطرق تدل على حذاقة مرسليها ، وأعتقد إنها ﻷول مرة في التاريخ ، وصلت لي في هافانا . كانت تشدنا بالوطن ونحن في صنعاء وطرابلس . كل ما نتمناه لاحقا ، و قد دخلنا شيخوخة العمر ، وأصبح لنا أحفاد ، أن يستمر (الحزب يكطر ضوه ، ويبقى شباب) ، و في جعبتنا أشواقا للإحتفال باﻷعياد القادمة ، وعراقنا الحبيب يسير على سكة التغيير الحقيقي ، بعد أن تمكن من كنس داعش عن تراب أرضه
لتعش الذكرى الحادية والثمانون لمولد حزبنا المقدام ... والمجد والخلود لشهدائه اﻷبرار.