فضاءات

الدكتور شمعون صليوة البيلاتي..طبيب الكادحين في ذمة الخلود

رحل عنا بصمت خالي الدكتور شمعون صليوة البيلاتي بعد معاناة من مرض عضال . . بعد رحلة طويلة قضاها منذ خمسينيات القرن الماضي بين قرى جبال كوردستان معلما لابناء القرى المسيحية والمسلمة .. قرى هلوة وسردشت معلما للابجدية العربية والفكر الماركسي والاخلاق الحميدة متحدثا معهم بلغاتهم ولهجاتهم المحلية الكردية وباللغة السريانية التي تعلمها قراءة وكتابة منذ الصغر على يد كاهن القرية، مساعدا التلاميذ على عبور التضاريس القاسية والوصول الى مدارسهم، امينا على رسالته الانسانية والتعليمية .
ومن ثم طبيبا بعد ان سافر في بداية الستينيات الى الاتحاد السوفيتي للدراسة بعد ان استقر به المقام في طاشقند بعد لينينغراد ليدرس فيها اللغة الروسية ودراسته التي تخصص بها الطب . اقام علاقات طيبة مع ابناء شعبنا في روسيا وفي موسكو تحديدا ليعيد علاقاتهم العائلية التي انقطعت بسبب الحروب العالمية التي شتتهم . مروكل
عاد نهاية الستينيات الى الوطن ليعتقل من امن المطار ويطلقوا سراحه لسلامة جوازه . وعاد مجددا الى الدراسة ليعادل شهادته ليمارس مهنة الطب في مستشفى الجمهوري في الموصل حيث انهى فترة الاقامة ليعاد تعيينه في دربندخان في السليمانية وبعدها عاد الى كركوك ليشغل منصب طبيب العمال في معمل كبريت .. زاول من جديد نشاطه السياسي من خلال اللجنة العمالية .. واضحى صديقا ورفيقا وطبيبا للعمال ومن خلال نشاطه التوعوي والفكري انضم العديد منهم الى حزب الطبقة العاملة وكان نشاطه مميزا في كركوك . انضم الى النادي الاثوري الرياضي طبيبا للفرقة الرياضية في مجال الدراجات الهوائية .. مشجعا ومحفزا وطبيا مرافقا لهم في تمريناتهم ليحققوا الفوز لمرات عديدة مرافقا ابطال يوليوس، تاور، خنو، فردريك ومارتن ومازالوا يتذكرون طبيبهم، مشجعهم .. وقد تباهوا لتفردهم بالطبيب الخاص .
بعد تدهور الاوضاع السياسية في نهاية سبعينيات القرن الماضي وملاحقة البعث لليسار الوطني نقل الى محافظة السليمانية لرفضه الانتماء الى حزب السلطة ..
عرف بطبيب الـ ( 250 ) فلسا حيث كانت اجور الكشف لا تتعدى المبلغ وبسببه ايضا تعرض الى تهديد عدد من زملاء المهنة اللذين اتخذوها مهنة للكسب غير المشروع متناسين انها مهنة انسانية .. واحيانا يكون الفحص مجانا للمعدمين وهم كثر في بلدنا .. وقد انتقد من الكثيرين لكنه اصر على انها مهنة انسانية قبل ان تكون مصدر رزق .
في السليمانية حاضر في المعهد الطبي اضافة الى عمله في المستشفى الحكومي للمدينة .. عاد بعدها من جديد ليستقر به المقام والعائلة في كركوك في محلة ( رحيم اوى ) حي الكادحين ومجددا عمل في العيادة الشعبية ومن بيته ليكون ملاصقا للناس وهمومهم اليومية قبل اصابته بالزهايمر ليلزم الصمت حتى رحيله الاخير
تعيش بيننا بالرغم من رحيلك يا طبيب الكادحين.
ابنة اختك
شميران مروكل