فضاءات

رسالة الصابئة الى العالم من المانيا عدسة الجيزاني توثق تاريخ الصابئة الانساني في المانيا

 
 
 
 
محمد حمدي
دأب الفنان الفوتوغرافي المغترب احسان الجيزاني على اصطياد لقطات مؤثرة هي بمثابة قضية انسانية متكاملة وتنتظر الحلول بأقصر الطرق ولم يتوان عن ايضاح قصده ومفهومه بالاستعانة بأية مؤثرات ولقطات شارحة تكفي لإعطاء صورة كامل عن الاصل والمنبع واساس المشكلة وقد سجلنا له ذلك بعشرات المعارض الفنية نذكر منها ، موت في العراق ، اثارنا في الخارج ، الاهوار ، النخيل ، الطفولة ، حملت جميعها قضايا حساسة لوطن جريح حمل جراحاته الى العالم من خلال عدسة عكست هذا الكم الهائل من صور التوثيق والفخر والتجسيد لهذه الخلطة التي يعززها اليوم بمعرضه الفني عن طائفة الصابئة المندائية التي كان ولايزال مهدها الاول جنوب العراق ، ويعلق الجيزاني على التسمية لأبناء الطائفة بالقول ان الاصح لسكنهم وتواجدهم في (بلاد ما بين النهرين)، ويسميهم العراقيون بالعامية «الصبه»، ويعيشون على ضفاف الأنهار وخاصة دجلة، وهم جزء من سكان العراق الأوائل عبر تاريخه الحضاري. ويشكلون أقلية دينية ما زالت تمارس طقوسها ودياناتها إلى الآن. لقد ذكر المؤرخون انهم سكنوا مناطق متعددة وهم عموما يسكنون على ضفاف الأنهار لما للماء والطهارة من اهمية في حياتهم الدينية والروحية.. وعند اقامة الدولة الإسلامية كانت توجد أعداد كبيرة من الصابئة في بطائح العراق، في المناطق السفلى لنهري دجلة والفرات بالذات، وفي بطائح عربستان من إيران وقد كان مرحبا بهم في اي مكان لانهم جبلوا على طبيعة كريمة طيبة تحب الخير وتقديم المساعدة لمن يحتاجها.
اما الآن فمركز الطائفة هو مدينة بغداد إضافة إلى تواجدهم في أغلبية المحافظات العراقية مثل العمارة والبصرة والناصرية والكوت وديالى والديوانية إضافة إلى تواجدهم في مدينة الاهواز والمحمرة في إيران وبالأحداث السياسية والاقتصادية وتعرضهم للسرقة والقتل والظلم من اطراف متعددة اعتاشت على طبيعتهم المسالمة التي لا تعترف بالعنف ابدا لذلك ، اضطر الصابئة المندائيون إلى الهجرة إلى البلاد الاوربية وأمريكا وكندا، ولقد شكلوا بتجمعاتهم الجديدة جمعيات تعنى بشؤونهم ويحاولون جاهدين إلى الآن، المحافظة على تراثهم العريق وهويتهم الاصيلة وتقاليدهم السامية الموغلة في القدم والحضارة وتجدهم هنا في المانيا نخبة رائعة تصور العراق وحضارته بأبهى حلة كما تناولتها في هذا المعرض بمدينة شتوتغرت والذي لفت الانتباه من الاعلام وغيرهم الى حضور مكثف غير مسبوق وتفاعل اكبر مع ابناء هذه الطائفة الطيبة .
اذا لنتحدث عن المعرض وفكرته ولوحاته ؟
المعرض اتحدث فيه او انقل رسالة الى العالم اجمع والمتنفذين تحديدا بان العراق مهد الحضارات والأديان هو ليس قطعة كعكة كما يصورها الاعلام الغربي انه وطن موغل في الحضارة ولا يمكن تقسيمه الى دويلات وان فكرة واساس التعايش السلمي بين الاديان هي فكرة قائمة بأساس متين يجسدها الصابئة في جنوب العراق ومكانتهم المحترمة المهمة كأحد اركان الحضارة الكبيرة التي نفخر بها وبرموزها من علماء وشعراء وفلاسفة وغيرهم وان الاستهداف المنظم لهم هو حملة باطلة لإفراغ العراق من دعاماته المهمة ولبنات البناء فيه، ان المعرض يتكلم عن حضارة العراق التي احتضنت كل الاديان السماوية ولحد الان.
وان موضوع الصابئة المندائيين الذي نتناوله هو موضوع مهم وان اختياري لهذا الموضوع في هذا الوقت هو رسالة لكل من يريد ان يقسم العراق او يعتدي على دياناته بان العراق تعيش فيه كل الديانات وبدون تميز وخير دليل بان الصابئة المندائيين يمارسون طقوسهم الدينية وبحرية في جنوب العراق منذ فترة شهدنا في ميسان احياء عيد الخليقة (البرونايا) عند ضفاف نهر دجلة في مدينة العمارة.
وتناولت في الصور طقوسهم الدينية التي يمارسونها عند التقاء نهري دجلة والفرات في البصرة ومعتقداتهم بطهر الماء لغسيل النفوس والقلوب واخذت كل تفاصيل الطقوس في التقاطاتها وبأدق التفاصيل ومنها تقديس النبات عبر الياس الذي يضع في راس الانسان كعقال اخضر وكذلك تفاصيل صب الماء على الرؤوس وكيف يربط الحبل على جسم الانسان وتفاصيل ملابسهم ومعتقداتهم مع الاشارة الصورية الى الفلكلور الصابئي والثقافة التي لها مكانه مهمة والشعر والجلسات الادبية الرائعة بمحافل اعدها دروس لا تقدر بثمن في مجالس لها مكانتها اثمرت ظهور اروع وابرز شعراء وادباء العراق
وكذلك تفاصيل زواجهم الذي يعقد بالقرب من الماء وحياتهم اليومية واهم المهن والحرف التي يتداولونها تاريخيا ومنها الطرق على الفضة والذهب والطب العشبي الذي يعد من مفاخر فلكلورهم القديم بالإضافة الى بيوت القصب التي ابدعوا ببنائها في مناطق الاهوار جنوب العراق ولم اغفل تصوير كتابهم المقدس وكلماته وتصوير بورترية لكل شيوخهم وكان التصوير لحفل الزواج في المانيا وعلى نهر النيكار اي المعرض صور وبطريقة وثائقية في كل من المانيا والعراق
والمعرض يحتوى على اكثر من سبعة وخمسين صورة و يعرض في شتوتغارت لمدة شهر.
اثرت فيها جميعا ان اوثق لأبناء بلدي الاصلاء تفاصيل حياتهم اليومية وتمسكهم بموروثهم الثقافي الحضاري الامر الذي اعده شخصيا رسالة حية الى جميع المسؤولين ان يتفاعلوا مع قضية ابناء الصابئة ويعيدوهم الى موطنهم قرب الماء المقدس بين النهرين.