فضاءات

أحياء ذكرى اليوم الوطني لشهداء المقابر الجماعية / محمد الكحط - تصوير: سمير مزبان

إن إقرار الحكومة العراقية ليوم السادس عشر من أيار/ مايو يوماً وطنياً للمقابر الجماعية في العراق له العديد من المعاني والدلالات التي تشير الى سعة جرائم النظام وضخامة عدد الضحايا لتلك المجازر. فالجرائم التي نفذها النظام البائد إمتدت على طول أرض العراق وعرضه،ً من جبال كردستان شمالاً إلى البصرة جنوباً .. منتهكاً بذلك أبسط المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
لقد شملت جرائمه كل أبناء شعبنا العراقي بمختلف أطيافه ومكوناته وإثنياته وأعراقه، فقد تم الكشف عن حوالي 400 مقبرة جماعية ضمت رفات مئات الآلاف من أبناء شعبنا المسالم، فلم يسلم من جرائم نظام صدام شيخ أو امرأة أو طفل أو رجل ولا يزال القسم الأكبر من المقابر غير معروف بل يتم إكتشافها بالصدفة.
وبهذه المناسبة أحيت السفارة العراقية بالتعاون والتنسيق مع المركز الثقافي العراقي في السويد ذكرى المقابر الجماعية يوم 27/5/2013 في احتفال حضره القائم بأعمال السفارة العراقية الوزير المفوض الدكتور حكمت داود والسلك الدبلوماسي بالإضافة إلى الدكتور أسعد الراشد مدير المركز والدكتور وليد أمين محمود المستشار في الملحقية الثقافية العراقية.

وحضر الفعالية العديد من أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المتواجدين في السويد ومسؤولة ملف العراق في وزارة الخارجية السويدية وممثلي القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني العراقية والعديد من الشخصيات الوطنية ووسائل الإعلام.
إستقبل القائم بالأعمال وزوجته والموظفون الدبلوماسيون في السفارة العراقية السادة المدعوين حيث تم التجوال في المعرض الفوتوغرافي الخاص بضحايا المقابر الجماعية.

وفي بداية الاحتفال وقف الجميع دقيقة صمت إجلالاً للشهداء مع عزف للنشيد الوطني وكلمات مؤثرة لمدير المركز الثقافي العراقي مجد فيها الشهداء وضحايا المقابر الجماعية داعياً إلى إستذكارهم وواعداً إياهم بأن لا نخذلهم فنميتهم للمرة الثانية بعدم السعي الجاد لتحقيق الأهداف والآمال التي استشهدوا من أجلها.

بعدها رحبت السكرتير الأول السيدة بان فضلي بالضيوف جميعاً باللغتين العربية والانكليزية بأسم السفارة العراقية وقدمت القائم بأعمال السفارة العراقية الدكتور حكمت داود جبو ليلقي كلمة السفارة بالمناسبة، إذ جاء فيها: ((نستذكر اليوم يوم السادس عشر من أيار من كل عام يوماً للمقابر الجماعية التي سببها النظام البعثي الدموي في العراق. وقبل أكثر من شهر وقفنا إجلالاً لأرواح شهداء مذبحة حلبجة والأنفال وتسلسل المآسي التي سببها البعث مستمراً منذ أكثر من أربعين عاماً.
والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه المناسبة هو، أما كان بالإمكان تجنب هذه المقابر الجماعية؟ أما كان بالإمكان أن نتحاور لنصل سوية الى مشتركات للعيش بسلام؟ أليس هناك متسع في هذا الوطن ليحتوينا جميعاً بمساحاته الواسعة وقلبه الكبير وعمقه التاريخي العريق؟
لم يلتفت هؤلاء الظلاميون الى الخلف ليعرفوا أن هذه الأرض الطيبة كانت قد احتضنت اللغة الأولى والمعرفة الأولى والحضارة الأولى. وبدلاً من أن يعيدوا صرح حضارتنا الى الواجهة أقدموا على إعطاء صورة بشعة دموية مدمرة للعالم، أن من قاموا بذلك لا ينتمون الى العراق بل هم سليلوا الظلامية والفكر الشوفيني وممن لا يحبون الخير للبشرية)).
بعدها أُلقيت كلمة هيئة الأحزاب والقوى السياسية العراقية في السويد، التي قدمها السيد صباح نور و جاء فيها: ((نقف اليوم معاً لنستذكر جريمة ضد الإنسانية، جريمة المقابر الجماعية. نستذكر هذه الجريمة من اجل الإنسانية ومن اجل المستقبل. أيها السيدات والسادة.... نقف اليوم جميعاً في كل دول العالم لمواجهة الإرهاب.
والإرهاب يبدأ من الفكر وينتهي بالجريمة. ان الفكر البعثي لنظام صدام الدكتاتوري قد بدأ بفكر إرهابي ونتائج إرهابية وجرائم ضد الإنسانية قتل مئات الآلاف من المدنيين العزل بشكل جماعي ودفنهم بمقابر جماعية.
وصمة عار في التاريخ البشري إذا لم نقف جميعاً لندينها ونعتبرها على المستوى الدولي جريمة ضد الإنسانية، ونعمل على تحقيق ذلك مع أصدقائنا الخيرين ، وفاء منا لشهداء الحرية ولضمان مستقبل زاهر لأبنائهم .))

كما جاء في كلمة اتحاد الجمعيات العراقية في السويد التي قدمها رئيس الاتحاد السيد عبد الواحد الموسوي ما يأتي: ((الى هؤلاء الضحايا ألأبرياء، التي ضاعت أصواتهم في غياهب الصمت، وذابت أجسادهم في رمال الصحارى، أما أرواحهم فما زالت تحدثنا وترجونا أن لا ننساها. "مقبرة جماعية " أنها ليست مفردة مأساوية وكفى، بل ان وجودها وتكرارها ضروري في ظروف تشهد البلاد فيها صراعا سياسيا وفقرا اجتماعيا اقتصاديا واسعا، ان حديث المقابر الجماعية موجع، لكن لابد منه.. لإيقاظ الروح الجماعية فهو تذكير العالم بما ارتكبه النظام الدكتاتوري المقبور من جرائم، ومواجهة أي محاولة لإنكارها أو التقليل من فظاعتها)).

هذا وقد دخل قارع الطبول ليذكرنا ويشعرنا بنبضات قلوب الضحايا وهم بإنتظار الموت على أيدي مجرمي النظام الصدامي .. بعدها عرض الفلم الوثائقي الذي يتضمن مشاهد مؤلمة ومؤثرة لممارسات النظام البشعة والمقابر الجماعية التي عثر عليها على طول البلاد وعرضها وردود فعل أهالي الضحايا وأبنائهم ..

بعدها قدم الشاعر الشاب أحمد العزاوي قصيدة بالمناسبة.

كان لحضورالفنان الكبير كوكب حمزة على الرغم من مرضه وقعاً وأثراً كبيراً على الحضور فقدم أغنية من ألحانه وكلمات الشاعر رياض النعماني بالمناسبة تذكرنا بتضحيات الشهداء وآمالهم بعراق سعيد وغد جميل لأجياله اللاحقة.