فضاءات

رفيقنا الغالي أبو الندى .. معنا دائماً

يوسف ابو الفوز
بحزن كبير بلغنا نبأ رحيل الرفيق العزيز أبو الندى ـ فلاح علي (فالح عبد الحسن عبد علي مواليد الديوانية)، النصير والمناضل، الذي عرفناه ملتصقاً بمبادئه بصدق كبير وأمل متواصل بوطن حر وشعب سعيد. وكان الرفيق محاورأ كبير القلب، يجيد التعامل مع من يختلف معه في الرأي بدون ان يفسد علاقته الودية مع الاخر.
عرفته شخصيا في ايام الكفاح المسلح، مقاتلا ضمن انصار الفوج الاول للحزب الشيوعي العراقي، في منطقة بهدينان، ومنذ تلك الايام البهية، عشت شخصيا معه في محطات نضالية مختلفة، وحضرنا معا فعاليات حزبية وسياسية عديدة، وكنا مهما اختلفنا في الرأي، لم أجد ان ذلك يؤثر على طيبته وهدوئه واحترامه للاخرين . ولم يعتذر يوما عن انجاز مهمة توكل اليه، وكان يكابر ويبذل قصارى جهده رغم ان جسده يخذله احيانا.
في احداث معارك كانون الثاني 1987 في الفوج الاول، اذ خاض انصار الحزب الشيوعي العراقي معارك ضارية، وعلى عدة محاور، وفي ظل ظروف جوية قاسية، ضد الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات النظام الديكتاتوري المقبور، على مناطق نشاط أنصار الفوج الأول (الحزب الشيوعي العراقي)، ومناطق لجنتي عقرة والشيخان لمقاتلي (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، وسكان القرى في المنطقة المجاورة لمقرات مقاتلي الأحزاب، حيث زجت فيها السلطات بوحدات عسكرية مدرعة من الجيش والجحوش، وساهم فيها الطيران الحربي والهليكوبتر،وأبدى الأنصار آيات من البطولة والمقاومة والصمود والبذل، وكانت أياما أسطورية، حافلة بالمجد، غدت أحاديث جماهير قرى المنطقة ونسجت عنها حكايات كثيرة !. كان النصير ابو الندى معنا، واحدا من الانصار الذي سطروا ايات المجد والصمود والتحمل. وفي معركة شرق كانيكا (عند ناحية اتروش في الايام 5 ـ 6 / 1 / 1987)، في نفس الاحداث وضمن مفرزة من اثني عشر نصيرا، حيث كانت القلعة محور الهجوم الاول والشرس... كان ابو الندى معنا.
وفي أيام "حصارالعكنبوت" التي عاشها الانصار الابطال، في " سلسلة جبال كارة" المعروفة بوعورتها وقسوتها، ولاكثر من شهر، صيف 1988، حيث واجهوا العطش والجوع منقطعين عن اي اتصال مع العالم ... كان ابو الندى معنا.
وفي مخيمات الحجز والعزل الايرانية، التي وصلها الانصار بعد كسر الحصار، وسياسة الاهمال التي عاشوها من قبل السلطات المعنية ، حيث تساقط الثلج عليهم وهم في الخيم ووسط محنة البحث عن طرق للخروج من ايران ... كان ابو الندى معا.
وفي المؤتمرات الحزبية والانصارية، وفي ساعات السجال والجدل حول كثير من المواضيع، ولاجل ايجاد الافضل وتجاوز ما عفى عليه الدهر من أليات عمل، وايجاد صيغ أكثر ديمقراطية في العمل الحزبي والسياسي ... كان ابو الندى معنا.
هاتفني يوما فرحا، حين نشرت لنا مجلة "رسالة العراق"، الصادرة من لندن قبل سقوط النظام الديكتاتوري، مقالين في صفحتين متجاورتين، وهو يضحك، بصوته المتهدج، كوننا جيران في صحافة الحزب ايضا.
غادرنا الغالي ابو الندى، لكن ابتسامته الوديعه وضحكته الخافتة ونظرته الذكية ومبادئه التي عاش وعمل بجد لاجلها ستظل حية معنا .
اقدم التعازي الحارة لعائلة الرفيق، أم الندى، وابنتيه " ندى ويارا " ولعائلته في العراق ولجميع أصدقاء الرفيق الراحل.
نم قرير العين رفيقي ابو الندى .. مثلك لا يغادرون .
هلسنكي 22 / 1/ 2018