وثائق وبيانات

مداخلة الحزب الشيوعي الكردستاني* في السيمينار النقابي اليساري الاول في البلدان العربية

الرفيقات والرفاق الاعزاء
تشهد منطقتنا بشكل عام تطورات نوعية وبات من الضروري العمل على تأسيس تصور جديد وفاعل, بخصوص العمل وسط المنظمات الديمقراطية والمدنية ووسط النقابات نراعي فيه شروط ومتطلبات الصراع السياسي الاجتماعي في المرحلة الراهنة, وأهدافنا الاستراتيجية الشاملة كحزب مكافح من أجل التغيير الاجتماعي. وبشكل عام لا يمكن النظر الى هذا المجال الحيوي من العمل بمعزل عن مجمل التطورات السياسية في المجتمع بشكل عام. تنبع الحاجة الى تجديد مفاهيمنا الاساسية في هذا المجال انطلاقا من النقاط التالية:
١ ـ حاجة الجماهير الشعبية إلى هذا العمل للدفاع عن مصالحها ومطالبها الآنية, السياسية منها والاقتصادية. ٢ ـ طبيعة الوضع الحالي, الذي يتميز بفرص انتعاش نضالات الجماهير الشعبية بعد التحولات السياسية الكبيرة في الوضع في المنطقة عموما.
٣ ـ العلاقة الجدلية بين العمل الديمقراطي الجماهيري والعمل النقابي مع العمل السياسي الحزبي المباشر, باعتبارهما حلقتين متداخلتين في صيرورة الصراع الاجتماعي, وأداتين لإحداث التغيير الاجتماعي داخل المجتمع.
٤ ـ اعتبار العمل الديمقراطي الجماهيري والعمل النقابي مجالاً لتوعية وتعبئة وتنظيم الجماهير، وبالأخص الجماهير الكادحة.
٥ ـ اعتبار العمل النقابي والعمل الديمقراطي الجماهيري بشكل عام مجالاً لخدمة الجماهير وتربية وتدريب المناضلين بالمثل والمبادئ الديمقراطية اليسارية، ومجالاً للتعبير عن مصداقيتهم فيما يطرحونه في برنامج حزبهم.

الرفيقات والرفاق الأعزاء!

اننا نرى بأن العمل الديمقراطي الجماهيري بشكل عام والعمل النقابي بشكل خاص هو نضال يومي ملموس لأعضاء الحزب ومنظماته بجانب الجماهير ومعها، يستهدف رفع مستوى وعي وتنظيم الجماهير لتنخرط بشكل أكبر في النضال، من أجل تحقيق مصالحها الآنية، والدفاع عن مكتسباتها. وهو نضال يتطور ويتحول وفق آليات وتطور الصراع الطبقي في البلاد, والشروط الموضوعية والذاتية للجماهير وقواها الحية. وذلك سواء على مستوى البرنامج أو الأدوات، أو من حيث الأساليب والأشكال وينطلق من الواقع الملموس ومن الإشكالات التي يطرحها الصراع الاجتماعي. إن النضال الديمقراطي الجماهيري والنضال النقابي في حد ذاته جزء لا يتجزأ من العمل التغييري الجذري للمجتمع, بالرغم من طابعه الظرفي الآني. ان تفعيل العمل في هذا المجال يتطلب منا صياغة برنامجنا الخاص لكل التكوينات والفئات الاجتماعية، ومراعاة خصوصيات كل مجال، وتتمرس من خلاله الجماهير على النضال والتنظيم وتوحيد الصفوف وهو مدرسة للنضال والتنظيم والعمل الوحدوي ولتطور الوعي السياسي للجماهير. - يساهم هذا العمل في تجاوز الاتكالية عند الجماهير، إدراكاً منها بأن التغيير سيكون من صنعها، من خلال أخذ دورها بشكل مباشر، ويسمح ببناء علاقات صحية بين الجماهير والحزب. - ومن الخطأ اعتبار العمل الديمقراطي الجماهيري في مستوى أدنى من العمل الحزبي, إن مثل هذا الفهم سطحي, فبدون العمل الديمقراطي الجماهيري والعمل النقابي الفاعل، لا يمكن تحقيق أي نجاح للعمل الحزبي. - وبالنسبة لحزبنا وبارتباط مع مهمتنا المركزية التواجد وسط الجماهير ووسط شغيلة اليد والفكر، وكادحي الأحياء الشعبية والفلاحين الفقراء, فإن هذا العمل يجب أن يخدم مهمة هذا التواجد دون أن يعني ذلك تسخيره لهذه المهمة بشكل ضيق. وعموما يمكن القول أن نضال العمل النقابي ضرورة موضوعية من أجل رفع مستوى وعي الجماهير وتنظيمها في إطار تنظيماتها الذاتية المستقلة، بهدف توحيد نضالاتها والتعبئة التامة لأوسع فئاتها، لكي تكون هناك مردودية وفعالية لنضالات الجماهير، وتغيير ميزان القوى لصالحها. - ويساهم هذا العمل في فرز الطاقات النضالية والطليعية المكافحة داخل الحركة الجماهيرية, التي يمكن أن تشكل أوسع تحالف جماهيري لتحقيق برنامج الحزب، وتحقيق التغيير الاجتماعي.

الرفيقات والرفاق الاعزاء!

في مجال علاقة العمل الحزبي بالعمل النقابي هناك من ينحو منحىً إنعزالياً ويرى ضرورة ابعاد النقابات والمنظمة الديمقراطية عن كل نشاط سياسي. ويترتب على هذه الوجهة انفصام علاقة الحزب بتلك المنظمات أو النقابات. وفي الجانب المعاكس هناك من يرى ضرورة زج كل النقابات والمنظمات الديمقراطية والمهنية في نشاط سياسي وحزبي مباشر. ويترتب على هذا الأمر القيادة المباشرة للحزب لتلك المنظمات واصدار الأوامر لها من الحزب . والتوجه العام لحزبنا هو ضرورة تواجد النقابات كمنظمات ذات طابع مهني وديمقراطي وجماهيري مستقل عن الحزب، وعدم اعتبارها بأي شكل من الأشكال تابعاً للحزب. فهذه المنظمات عموما تشكل الى جانب الحزب منظمات المجتمع المدني، دون أن تكون هذه المنظمات بديلاً للحزب، ودون أن يكون الحزب بديلاً لها. والحرص على الاستقلالية من جانب الحزب من شأنه المحافظة على تلك المنظمات من تدخل الأحزاب الأخرى، ويساعد على جر اعداد كبيرة من الجماهير الى العمل الديمقراطي الجماهيري دفاعاً عن مصالحها. وارتباطاً بهذه الوجهة يؤكد الحزب على استقلالية النقابات والمنظمات الديمقراطية والمهنية والجماهيرية التي يعمل الشيوعيون فيها. والمطلوب من الشيوعيين العاملين في هذه المجالات الحرص على استقلالية الشخصية المعنوية لتلك المنظمات الجماهيرية التي يعملون فيها، كمؤسسات مستقلة سياسياً وتنظيمياً، وتعتبر مؤتمراتها السلطة الأساسية فيها. إن فهم الاستقلالية لا يعني عدم افساح المجال للشيوعيين للعمل فيها أو قيادتها، بل عليهم الاندفاع للعمل من خلال احترامهم لقراراتها والتأثير عليها بشكل ديمقراطي. ويجب أن لا يؤثر التقارب السياسي أو الفكري بين هذه المنظمة الجماهيرية أو تلك على تخطي حدود استقلالية هذه المنظمات . إن الحزب لا يقود المنظمات الديمقراطية والجماهيرية والمهنية والنقابات، بل يقود الشيوعيين المنظمين للحزب، وبضمنهم الشيوعيين العاملون الناشطون في تلك المجالات. وفي الختام نريد أن نؤكد على النقاط التالية: ـ الانطلاق, في العمل من المنظمات والنقابات والهيئات والجمعيات الثقافية والاجتماعية الموجودة. ومن التقاليد النضالية للجماهير في مجال التعاون والتضامن فيما بينها، وفي إطار نضالها للدفاع عن حقوقها ومصالحها والعمل على تطوير هذه الأشكال والآليات وتجاوز سلبياتها. ـ الابتعاد عن فرض أشكال تنظيمية جاهزة وفوقية, إذ ينبغي ابتداع أشكال عملية ومرنة جديدة, تستمد من واقع كل فئة اجتماعية ومن داخل حركتها النضالية. ـ إن تأكيد هذه الورقة على تركيز العمل في النقابات ووسط الكادحين لا يعني إهمال الفئات الأخرى الطلبة، الشبيبة، النساء، المثقفين، المعلمين، الموظفين، ذوي المهن الحرة.. ـ ضرورة تبادل الخبر والتجارب مع الاحزاب العمالية واليسارية الصديقة، وايجاد آليات للعمل المشترك والتضامن. ـ معالجة آثار القوى الظلامية على الشبيبة والطلبة وفي المناطق الشعبية الكادحة، وضرورة ايجاد صيغ تنظيمية جماهيرية فعالة على صعيد هذه القطاعات وعلى صعيد الأحياء الشعبية لنشر ثقافة تنويرية. إن مساهمة الشيوعيين في خدمة الجماهير من خلال المنظمات الديمقراطية المهنية والجماهيرية، يجب أن لا تكون بديلاً عن مبادرات وحملات لخدمة الجماهير باسم المنظمة الحزبية في مكان عملها، (حملات مساعدة القرى في موسم الحصاد، مساعدة المجمعات، حملات تنظيف حي سكني معين، فتح مركز لمحو الأمية في حي معين أو في مجمع سكني). والخلاصة هي أن يكون هاجسنا الوصول الى الجماهير وإقامة الصلات المختلفة معها في أماكن تواجد الجماهير، والكثير من النشاطات تتطلب جهود ومبادرات خلاقة، لا تعتمد على الامكانيات المالية فقط. وبالتالي يمكن انجاز الكثير في تطوير العلاقة مع الجماهير، ولا يجوز تبرير ضعفنا بضعف الامكانيات المالية. ان تصوراتنا للعمل النقابي وللعمل الديمقراطي الجماهيري بشكل عام, يجب أن لا تكون نهائية وجاهزة, بل تتطلب تدقيقها و اختبارها في الواقع الملموس, وإخضاعها إلى اجتهادات المناضلين الذين يمارسون هذا العمل في ميادين العمل والنشاط. ويجب إخضاع هذا التصور للنقاش وللنقد والمساءلة من قبل كل المناضلين, حتى يتم تصحيحه وتطويره على ضوء معطيات الواقع ومتطلبات الصراع السياسي والاجتماعي. كما تتطلب هذه المرحلة السياسية الحساسة في كردستان وعموم العراق العمل النقابي المشترك بين كل القوى السياسية الديمقراطية والعلمانية واليسارية في كردستان وعلى صعيد عموم العراق. إن الحزب الشيوعي الكردستاني يمتلك طاقات وامكانيات وآفاق أكبر في هذا المجال، بالارتباط بالنشاط الديمقراطي الجماهيري للحزب الشيوعي العراقي. وعليه يجب صياغة الأطر التنظيمية الكفيلة بإدامة التواصل والعمل المشترك، والانطلاق المشترك الى تحالفات واسعة كردستانياً وعراقياً ومع الاحزاب الديمقراطية واليسارية في عموم المنطقة. وهناك أرضية سياسية مشتركة تساعد على بلورة هذه التحالفات على الصعيد الحزبي. وهذا التنسيق يجب أن لايعني بأي شكل من الأشكال التدخل الحزبي في قرارات المنظمات الديمقراطية والمهنية التي يعمل الشيوعيون فيها. اننا نؤكد على حماية استقلالية هذه المنظمات وعدم فرض سياسات تحالفية أو اندماجية عليها باسم القرار الحزبي.

ـــــــــــــــــــــــــــ
القاها الرفيق ريبر اسماعيل عضو اللجنة المركزية للحزب