من الحزب

الشيوعي العراقي ينتقد تكريس المحاصصة الطائفية عبر "التوازن"

بغداد- علي عبد الخالقانتقد الحزب الشيوعي العراقي، اللجوء الى "التوازن" في توزيع المناصب الحكومية، معتبرا هذه الدعوات صيغة "ملطفة" للمحاصصة الطائفية. فيما دعا إلى اعتماد مبدأ المواطنة والكفاءة والنزاهة كمعايير في اختيار من تسند إليهم مهام في إدارة المناصب الحكومية.
وفي حديث مع "طريق الشعب" أمس السبت، قال د. صبحي الجميلي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، إن الحكومة السابقة كانت قد طرحت موضوع "التوازن بصورة تكرس المحاصصة الطائفية، وتؤدي إلى استبعاد الملاكات الكفؤة وتهميشها، واحتكار حتى الوظائف الثانوية، فأساءت بذلك إلى الوظيفة العامة وعملت على ترسيخ المحاصصة المقيتة.
وبين الجميلي أنه "إذا كانت الحكومة الجديدة بطرحها قضية التوازن مجددا، تنوي السير في أثر الحكومة السابقة، وشمول وكلاء الوزارات مثلا والمدراء العامين وعموم الدرجات الخاصة بالمحاصصة، فأنها ستلحق ضرراً بالغا في مؤسسات الدولة وادائها لمهامها، وسيعني ذلك عملياً التخلي عن مبدأ المواطنة، وابعاد المئات من الكوادر المؤهلة والمجربة تحت عنوان "التوازن".
واضاف الجميلي أن "تشكيل مجلس الوزراء والرئاسات الثلاث وفقاً للمحاصصة الطائفية لا يعني ولا يبرر سحب المحاصصة الى باقي تشكيلات ومؤسسات الدولة. خاصة وأن المحسوبية والمنسوبية والمناطقية والعشائرية والحزبية الضيقة، ستدخل هنا على نطاق واسع، فضلا عن الفساد حيث كثيرا ما جرى الحديث عن شراء المناصب سواء في مؤسسات الدولة المدنية ام العسكرية".
وبين عضو المكتب السياسي للشيوعي العراقي، أن "المنطق السليم، والحاجة الى بناء دولة المؤسسات، يتطلبان اسناد الوظيفة العامة على وفق معايير النزاهة والكفاءة والمهنية والاخلاص للتجربة الديمقراطية في عراقنا الجديد. واذا كان حصل تمييز سابقا واقصاء وتهميش وابعاد، فان العلاج لا يكمن في تكريس ما هو خاطيء وسيء، ونعني المحاصصة التي هي اساس البلاء والداء".
وخلص الجميلي إلى القول؛ إن "العلاج اولاً واخيراً، يبقى في التعامل وفقاً لمبدأ المواطنة وتساوي العراقيين في الحقوق والواجبات، وفي توفير الفرص المتكافئة للجميع".
ويرى مراقبون سياسيون أنه بعد الانتهاء من ملف الوزارات الامنية، تجس الكتل السياسية نبض بعضها البعض بشأن الدعوات لتشريع قانون يضمن لجميعها، "حصصا ثابتة" من غنائم اصغر!، وفيما كان الحديث يجري عن تقاسم الاحزاب النافذة لوزارات، اصبح الوضع الحالي، هو الالتفات الى مناصب الدرجات الخاصة ووكلاء الوزارات نزولاً لمنصب المدير العام في اية دائرة حكومية!
ويبدو ان رئيس الوزراء العبادي، قد شكل لجنة تتكون من زعماء الكتل ونواب رئاسة الوزراء والامين العام لمجلس الوزراء، لكتابة تصورات اولية عن قانون يجمع المراقبون انه سيثبت حصصا للمكونات، والطوائف والاثنيات داخل سلك الوظيفة في الدولة، الامر الذي سيخلف "كانتونات" وتخندقات مغلقة، بحسب قولهم.
ويتضح من المفاوضات الماراثونية لتشكيل الحكومة، أنه قد تمخض عنها ما سمي فيما بعد بـ"وثيقة العهد الوطني" او الورقة الوطنية، التي حددت بموجبها الحصص، لتدخل مفردة التوازن في سياسة التوظيف العامة بتشريع قانون "الهيئة العامة لضمان التوازن"، يتبعها تصويت البرلمان على قانون مجلس الخدمة الاتحادية خلال ستة أشهر.
"طريق الشعب"، حاولت الاتصال بنواب ورؤساء الكتل داخل البرلمان من المعنيين بملف قانون التوازن، لكنها لم تحصل على رد.
على الجانب الآخر، قالت مصادر قانونية وقضائية لـ"طريق الشعب"، ان " القانون قد يخلص الى تأسيس "هيئة" للتوازن، مستقلة تتربع على قمة الهرم الاداري للدولة مزودة بصلاحيات ذات قواعد آمرة لكافة دوائر الدولة، بما فيها المؤسسات العسكرية والامنية وحتى القضائية".
وتفسر هذه المصادر، القصد من مفردة التوازن بالقول، ان "مبدأ التوازن في ادارة البلاد يعني التوازن الوطني والسكاني، وبعبارة اخرى، هو التوازن الطائفي والاثني والعرقي داخل دوائر الدولة".
ويرجح قانوني آخر ان يفرز القانون، تدخلاً في تعيين كل موظفي الدولة، "بما يضمن توزيع الادوار بحسب الملل والطوائف".
وتسرد المصادر تفسيرات اخرى للقانون "قد يصل الامر بنا الى ان تكون المختبرات العلمية في دائرة ما، مقسمة بحسب الطائفتين مثلاً، بحث علمي للطائفة السنية، يقابله بحث آخر للطائفة الشيعية وهكذا! ".
يذكر ان قانون التوازن في دوائر الدولة، كان احد مطالب اتحاد القوى الوطنية من مطالب اخرى- للمشاركة في الحكومة، وهم ليسوا الوحيدين من أيد الفكرة لاحقاً، اذ تزايدت الآراء من مختلف الكتل لتضمن مناصب اخرى داخل دوائر الدولة.