من الحزب

رائد فهمي: ضرورة التغيير لاقامة الدولة المدنية الديمقراطية

كوبنهاغن - طريق الشعب
ضيّفت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك مساء الجمعة الماضية (9/6/2017) الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب، في ندوة سياسية عامة اقامتها في العاصمة كوبنهاغن وكانت بعنوان "التغيير نحو الدولة المدنية الديمقراطية - التحديات والممكنات".
حضرت الندوة جمهرة واسعة من ابناء الجالية العراقية، وتحدث الرفيق فهمي فيها اولا عن موضوعة التغيير فأوضح ان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية العاجز كليا عن معالجة الازمات، لم يعد قادرا حتى على ادارتها، نظرا الى الازمة المالية المرتبطة بهبوط اسعار النفط، والى النزاعات المختلفة بين القوى السياسية المهيمنة على السلطة وعدم استعدادها لتقديم التنازلات. اضافة الى الازمات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة، كالبطالة واتساع نطاق الفقر والتدهور المريع في الخدمات الصحية والتعليمية، كذلك تفشي الفساد في كافة مرافق الدولة، وشموله حتى مجال البطاقة التموينية ومجال المساعدات المتواضعة للحاصلين على المنح الاجتماعية.
هذا الواقع المتردي ادركته الجماهير بتجربتها الخاصة، وانتهت الى المطالبة بالإصلاح. وقد تزايدت عام 2011 الاستعدادات الشعبية للتحرك، وكان ذلك في الوقت ذاته الذي بدأ المدنيون فيه حراكهم الاحتجاجي. وفيما بعد كشف احتلال داعش لمناطق شاسعة من البلاد، هشاشة وتداعي المنظومة الادارية التي اسست للفساد وأججت المشاعر الطائفية، في حين راحت امكانيات المعالجة تنحسر، واقدم اصحاب الامتيازات على اكثر من لعبة لإجهاض الإصلاحات.
واشار الرفيق فهمي الى ان الجميع يتحدثون عن الاصلاح، ولكن الاصلاحات التي نريدها ونطالب بها غير ممكنة من دون التغيير. نعم، لقد صار التغيير اليوم ضرورة موضوعية وامكانية قائمة في اتجاه الدولة المدنية. علما أن دعواتنا الى التغيير تأتي في اطار الدستور، على الرغم من مطالبتنا بتعديله، واننا نعني التغيير في اطار الممكنات وفي اطار تأمين مصالح الناس وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير منظومة تطبيق واقعي للتشريعات التي تمس حياة المواطن.
وتحدث الرفيق سكرتير اللجنة المركزية عن اهمية توحيد الجهود للقضاء على داعش، وتأمين عودة النازحين واعادة اعمار مناطقهم دون اية تغييرات ديموغرافية. وبيّن موقف الحزب الرافض لوجود السلاح خارج مؤسسات الدولة.
وأشار الى الاستفتاء المعلن عن اجرائه في اقليم كردستان، وقال انه يأتي في ظل ظروف دقيقة يمر بها البلد وتشهد طائفة من التحديات الكبيرة، التي تستدعي توحيد الجهود في الحرب ضد داعش، واجراء لقاءات وحوارات مكثفة لحل المشاكل المعلقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، بما يساهم في تخفيف وقع الازمة الاقتصادية والتباينات بين الحكومتين على أهالي الاقليم. علما انه بغض النظر عن اجرائه وعما يمكن ان يسفر عنه من نتائج، يظل البناء الاتحادي للدولة قائما ما دام أي طرف لم يعلن تخليه عن الدستور. وعليه يتوجب ان تنصرف الجهود لحل القضايا العالقة.
وفي اطار تحليله لدور العامل الخارجي في تحديد مستقبل العراق، اكد رفض الحزب الثابت لاقامة قواعد عسكرية اجنبية على الارض العراقية، سواء لأمريكا او لغيرها. وشدد من جانب ثانٍ على ان لدينا مشروعا عراقيا وطنيا نكافح من اجل وضعه موضع التنفيذ، ولسنا نؤيد حكومة الاغلبية القائمة على الهوية الطائفية.
وفي شأن التنسيق مع التيار الصدري في ساحات الاحتجاج، اكد الرفيق رائد فهمي ضرورة التعاون مع اي طرف سياسي يلتقي معنا في العمل على بناء دولة المواطنة، الدولة المدنية الديمقراطية. ونحن نعلم ان الزيادة في حجم القوى الشعبية المطالبة بالتغيير، تقربنا اكثر من تحقيق هذا الهدف على ارض الواقع، لأن العمل الجماهيري يشكل رافعة أساسية للتغيير.
واضاف: نحن نسعى بجد الى حل مشاكل الناس، ونحتاج الى توظيف الطاقات المعطلة، ونقوم بعمل ملموس وفعاليات متنوعة في ضوء الجدوى السياسية، مدركين ان علينا الوصول الى الناس الذين لم نصل اليهم حتى الآن تعزيزا لقوانا في أي معركة انتخابية مقبلة. وبيّن ان مشكلة القوى المدنية تكمن في تبعثر ما لديها من طاقات كبيرة، وان علينا ان نلعب دورنا في تجميعها.
وتحدث سكرتير اللجنة المركزية ايضا عن النشاطات الرامية الى تحقيق وحدة اليسار، وتناول مفهوم اليسار، واكد انفتاح الحزب على كل المحاولات الهادفة الى ترميم النسيج الوطني وبناء دولة المواطنة. وفي شأن النداءات الصادرة عن المؤتمر الوطني العاشر، افاض في ايضاح النداء الموجه الى الشيوعيين المنقطعين، وبيّن انها دعوة لهم للعودة الى النشاط وفقا لرغباتهم، وان هناك حاجة الى عودتهم بموجب اي صيغة تناسبهم، وسواء تم ذلك عبر شكل من اشكال العلاقة بالحزب، او في اطار تنظيم آخر مستقل.
هذا وتضمن الجزء الختامي من الامسية حوارا مفتوحا، حارا ووديا، تفاعل فيه الجمهور الذي اكتضت به قاعة الاجتماع، وجرى نقاش معمق طرحت في سياقه تعليقات وتعقيبات ومداخلات تتعلق بسياسة الحزب بشكل عام، وبالموضوعات التي طرحت في الامسية، التي حضرها ممثلو احزاب ومنظمات مجتمع مدني وطيف واسع من التيار المدني الديمقراطي، اضافة الى شخصيات سياسية عربية.