اعمدة طريق الشعب

مصارف أهلية / قيس قاسم العجرش

أكثر من 56 مصرفاً أهلياً عراقياً تنتشر في بلادنا قليلة الحظ. ولهذه المصارف فروع يتجاوز عددها 500 فرع. ومع هذه المصارف تم افتتاح فروع عراقية لثمانية مصارف إقليمية. ومع هذا الحجم الذي يبدو كبيراً للقطاع المصرفي، فمازال عدد المصارف النسبي أقل مما هو في الدول المناظرة لنا.
يقول الخبراء ان الحياة المصرفية النامية يجب أن تحتوي في المتوسط على مصرف واحد لكل 25 الف مواطن. وظيفة المصرف الأولى في الحياة الاقتصادية هي ضمان تعاملاتٍ سهلةٍ ومرنةٍ ومضمونةٍ لجميع المواطنين: تسهيل القروض وضمانها وحماية المدخرات وتنميتها وتشجيع التعامل بالعقود المالية وخطابات الضمان بدلاً من النقد السائل، وهكذا.
لكن الذي يحدث عندنا هو غير ذلك!
وليس هذا بمستغرب.
فمنذ سنوات اتفقت أوفاق الحظ على ان كل شيء لن يكون بمستغرب في العراق.
فقدت المصارف الأهلية سيولتها شيئاً فشيئاً منذ أن تراجعت أسعار النفط الخام وشحت الأموال التي تنفقها الحكومة. ويقول الخبراء ان الكتلة النقدية بالدينار العراقي يتواجد ما يقرب من 75في المئة منها في التداول خارج المصارف، سواء كانت حكومية أم أهلية. ويرمز لها بـ» تحت المخدة»!
هذا يعني ان النقد الموجود في المصارف الأهلية، هو في معظمه نقد متعلق باستلام الشركات الأهلية والمقاولين لمستحقاتهم من مشاريع الدولة.
لكن هذه النقود تشارك بها المصارف الأهلية في مزاد العملة للبنك المركزي العراقي، وتتربح بواسطتها بنسبة عالية من فرق السعرين( وصل الفرق الى 8 آلاف دينار لكل مائة دولار).
هذا يعني ان المصارف الأهلية تحقق ربحا كبيراً من دون أن تنجز شيئاً يذكر للحياة الاقتصادية الداخلية، لا تمويل ولا استثمار ولا قروض ولا هم يحزنون.
وفي المقابل تتقاضى نسبة فائدة عالية على القروض للمشاريع الصغيرة. ولو أراد مواطن مثلاً شراء سيارة او تمويل افتتاح محل تجاري او تمويل ورشة صغيرة، عندها ستكون الفائدة المفروضة عليه معرقلا أساسياً يمنعه من الاستمرار. والجميع يعلم أن أفضل الاقتصادات في العالم إنما بُنيت على القروض قصيرة الأمد وللمشاريع الصغيرة.
باختصار، فإن قطاع المصارف يحتاج الى «ثورة اصلاح» هو الآخر وإن كان عهد الثورات قد ولّى.
لكن كيف يمكن لنا ان نعالج الخراب الاداري ونحارب الفساد الحكومي بلا حياة مصرفية رصينة ومسيطر عليها ومأمونة وتضمن الدولة أمانها وحسن العمل بها؟
دولة الأمان المصرفي مطلوبة هي الأخرى.. علينا ان نتذكر ذلك دائماً.