اعمدة طريق الشعب

"وثيقة الشرف" تعلن عن "مجلس قيادة ثورة"جديد! / جاسم الحلفي

وقع الرؤساء الثلاثة وقادة كتل سياسية يوم الاثنين الماضي على “وثيقة الشرف” التي نشر نصها واطلع عليها الرأي العام. وبتوقيعهم عليها، وهي التي تكرس المحاصصة والاستحواذ على السلطة، كشفوا بشكل غير موارب عن تمسكهم بالمنهج الذي يسيرون عليه من التغيير عام ٢٠٠٣ ولغاية الان. المنهج الذي امن لهم البقاء في السلطة وما تعنيه من الاستحواذ علي المال والنفوذ. واكدوا ادارة ظهورهم لمطالب المحتجين التي تركزت بشكل اساسي على نبذ المحاصصة الطائفية، التي اوهنت البلد ومزقت الشعب وهددت وحدته الوطنية. وبرهن المتنفذون ان اسماعهم موصدة لا تسمع صوت الشعب الذي يطالب بالتغيير والاصلاح منذ اكثر من ثمانية شهور.
بطبيعة الحال، ان الحكام يتحدثون باسم الشعب، ويدعون تمثيله، وحقيقة الامر انهم في واد والشعب في واد اخر. هم في وادي المنطقة الخضراء التي ينظر لها المواطن الاعتيادي باعتبارها منطقة تعقد فيها صفقات الفساد، ويتقاسم فيها المتحاصصون ثروات البلد، ويحتمون فيها بقصور تعود الى من شن الحروب واقام العدوان وحكم بالحديد والنار، وقد ورثوا منه الغطرسة والعنجيهة والابتعاد عن الشعب، فعاشوا في عزلة ذهنية وقيمية عنه. فمن اين لهم معرفة مزاج الشعب الرافض لسياساتهم التي اوصلت البلد الى عمق ازمة خطيرة تهدد مصيره.
يتشدق الموقعون على “وثيقة الشرف” بتمثيلهم للشعب عبر الانتخابات. وقديماً قالت العرب « يكذب ثم يصدق كذبته «.
نسوا تصريحاتهم التي اكثروا منها، حتى صدعوا رؤوسنا بان الانتخابات شابها التزوير، والجميع لا ينسى طبعاً حملات التزوير والتزييف المنظم، هذا اذا استثنينا المال السياسي الذي تم انفاقه في شراء الاصوات، وتزييف الارادة، مال الفساد الذي اسهم في تشويه الاخلاق.
بطبيعة الحال لا احد منهم ينكر استخدام مؤسسات وامكانيات واعلام الدولة ومواقعها، فيما كانت المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات حارساً للاصوات التي سرقوها. اما قانون الانتخابات فقد فصّلوه على مقاساتهم.
كل هـذا الغش والخداع الذي لا يمكن للذاكرة ان تنساه ولا زالوا يتشدقون بالاستحقاق الانتخابي!
من جهة اخرى هناك من بينهم من لم يشارك شخصيا في الانتخابات، فعن اي شرعية يتحدث؟ فيما كانت اصوات الآخرين التي حصلوا عليها من الضعف بحيث لا تؤهلهم لاحتلال موقع في البرلمان، بمن فيهم رئيس الوزراء. فعن اي تمثيل يتحدثون؟
ويكثرون الحديث عن التزامهم بالدستور، هذا الدستور الذي ركنوه جانباً دون ان يرف لهم جفن حينما شكلوا مجلسهم الذي هو فوق السلطات، تسميته (بالاستشاري) تخفي هدفه غير المعلن.
هؤلاء السادة معجبون كما يبدو بطريقة حكم الدكتاتور السابق، لا يغادرون اساليبه، وهاهم يعيدون انتاج (مجلس قيادة الثورة) بآسم جديد وشخصيات اخرى!
يحسب المتنفذون من اجل تأبيد وجودهم في السلطة كل شيء، ويحتسبون لأدق التفاصيل، لا ينسون شاردة او واردة الا ووضعوا لها معالجات، يدرسون كل الاحتمالات بهدف التمسك بكرسي السلطة. لكن دوما وكما تسجل دروس التاريخ، يخطأون في حساب ردة فعل الشعب وحجم غضبه.