اعمدة طريق الشعب

الوعد والخبث / عريان السيد خلف

يقول عبيد آل مبارك ان وعد الحر دين، والوعد ان اعطيته لاحد كن صادقاً في الوفاء به. ويستشهد بقول الشاعر:
اذا قلت في شيء نعم فأتمها
فان نعم دين على الحر واجب
والا فقل لا.. تسترح وترح بها
وان لا يقول الناس انك كاذب
وهكذا صرنا نتابع الوعود التي يطلقها لنا الساسة العظام وتنتهي بـ (مجرد كلام) لا يغني ولا يعني..
مرة قابلت وزير التعليم العالي حول شمول ولدي الذي يدرس في الخارج بالمساعدة الدراسية. فقام من وراء مكتبه الضخم وهو (يتلمض) من الحلويات التي كان يتناولها، وحلف بأغلظ الايمان بانه سيحقق طلبي وان اعتبر الامر منتهياً.
ومر شهر ومر آخر ومرت سنة، و (لا من شاف ولا من درى). وقد حملني ذلك على مراجعة مدير البعثات وكان اكثر لياقة في الوعد، ولكنه اضبط من وزيره في التسويف والمماطلة والكذب. مما اضطرني ان اعتمد على نفسي واقتطع من قوت عائلتي لاوفر لولدي شهرياً ما يكفيه لإدامة دراسته، حتى اخذ شهادة الماجستير بامتياز. وقد دفعه ذلك الى ان يكمل الدكتوراه في نفس الجامعة الروسية عالية الاختصاص.
هذه بعض وعود المسؤولين الذين يعدوننا بالاصلاح والاملاح وحي على الفلاح. لذلك انا لا اصدق بهذا النوع من البشر، فهم كما يقول شاعر الابوذية:
هذا العمر لا ريده ولا احيه
ابسبب ما ظل خجل عدهم ولا حيه
تشوفه معدل وخيّر ولحيه
لچن حچيه وحچي الجاهل سويه
والآن ولدي على وشك ان يحصل على الدكتوراه من دون ان يكلف اصحاب اللحى درهماً واحداً من حقه في ثروات وطنه، التي ينهبونها ليصبحوا من اشهر الاغنياء حسب الاحصائيات العالمية.
يقول عبيد: في احد الايام اتصل بي بعض الاصدقاء طالبين ان استقبلهم عصراً لانهم مشتاقين لرؤيتي وللاطمئنان على وضعي وحالي. وهكذا أحضرت ما يمكن ان يقدم للضيوف. وقبل ان يصلوا الى البيت انتبهت الى احد اولاد مالك. كان كث الشعر ووجهه قطعة من التراب والاوساخ. طلبت منه ان يذهب الى الحمام ويغسل وجهه على الاقل، فتململ وانشغل بـ (الآي باد)! فنهرته بعصبية صارخاً: مو گتلك گوم اغسل وجهك راح يجونه خطار.. فرد علي الطفل بثقة: وأذا ما إجو شلون؟