اعمدة طريق الشعب

الاصلاح الحقيقي دعم لقواتنا المسلحة / محمد عبد الرحمن

في ظرف غاية في التعقيد والتشابك وعدم الوضوح ، وفي ظل الازمة السياسية الراهنة التي تمر بها بلادنا ، ووجود الحشود الجماهيرية في الساحات العامة والشوارع احتجاجا على تردي الاوضاع وسوء الاحوال والادارة والحكم ، ومطالبة بالاصلاح السياسي والقانوني وتحسين الخدمات وانعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد والخلاص من المحاصصة ، الى جانب اعتصام برلماني يتناغم مع هذه المطالب .. تواصل قواتنا المسلحة ، العسكرية والامنية ، وبتعاون واسناد من المتطوعين في الحشد الشعبي والعشائري ، والبيشمركة ، وابناء المناطق المبتلاة بداعش والارهاب ، تسجيل انتصارات باهرة وتحرير المزيد من الاراضي من قبضة داعش الارهابي .
صحيح ان نسبة عالية من الاراضي التي احتلها داعش في حزيران 2014 ، لا زالت بيد هذا التنظيم الارهابي ، الا ان تحرير 40 بالمائة منها حتى الان ، وفي مثل الظروف التي تحدثنا عنها ، يجعل ما تحقق امرا استثنائي الاهمية. ففيما يعيش البلد ازمة شاملة، وفيما الازمة المالية تحد من امكانياته ، نجد ثمة من يتصدى للارهاب ويقدم التضحيات والشهداء، ويحرر الاراضي ويدفع عناصر الاجرام والارهاب الى الانتحار والهرب ، فمن ينجو منهم بجلده يلقى حتفه على يد فرق الاعدام الداعشية وباشكال شتى، منها «التجميد» الذي عمد اليه داعش مع العديد من عناصره الهاربين من جحيم المعارك مع قواتنا الباسلة، التي حررت الرمادي وكبيسة وهيت مؤخرا ، وبتصميم ملفت تتوجه الى تطهير بقية مدن المحافظة من رجسهم ، وتتقدم ولو ببطء في اتجاه تخليص بقية المحافظات من شرورهم وجرائمهم .
انه انتصار لكل العراقيين التواقين الى دحر الارهاب وداعش ، والتصدي الى معالجة الاسباب التي اتاحت اساسا لداعش التمدد واحتلال اراضينا ، اوسهلت مهمته، والتمعن في دروس ما حصل ، ونحن نقترب من الذكرى السنوية الثانية للهزيمة السياسية - العسكرية التي لحقت ببلادنا، وكانت نتيجتها احتلال داعش ما يزيد على ثلث اراضي بلدنا ، فيما المسؤولون المباشرون عن ذلك من قادة سياسيين وعسكريين ما زالوا طليقين، والانكى ان بعضهم لا يزال في موقعه ، وكأن شيئا لم يحصل! ولكم ان تقارنوا هذا بما فعل رئيس وزراء ايسلندا بعد فضيحة وثائق بنما !
وإذ تحتاج قواتنا المسلحة ، على اختلاف صنوفها والوانها ، الى كل اشكال الدعم والاسناد ، وامدادها بكافة مستلزمات جهوزيتها القتالية ، فان هذا لا يتقاطع مع المطالبة بالاصلاح والتغيير. لا بل ان الاصلاح الحقيقي ، وتخليص البلد من مظاهر سوء الادارة والحكم، خصوصا ما تراكم من سلبيات وثغرات جدية في ايام الولايتين الاولى والثانية ، وما صاحبها من تفشي وباء الفساد ، كذلك الخلاص من الفاشلين والفاسدين ، المدنيين والعسكريين ، وتشكيل الحكومة الكفوءة .. نقول ان هذا هو الطريق الضامن دحر الارهاب ، وتهيئة متطلبات عدم رؤية داعش بصيغة اخرى او تحت اي مسمى كان . فالقضاء على الارهاب والحاق الهزيمة به، كان وما زال مقاربة متعددة الوسائل ، وهو لا يتحقق بالانتصار العسكري وحده، على اهميته الفائقة وجسامة التضحيات التي تقدم فيه ، وفي المقدمة الشهداء الابرار .
ان الخائفين والمرتعبين من الاصلاح الحقيقي سيواصلون حديثهم عن ظروف البلد الخاصة ، والصعوبات الامنية التي يواجهها، وهي في الاساس من صنع المتنفذين الفاسدين انفسهم ونمط تفكيرهم البائس وسوء ادارتهم ومنهجهم الفاشل ومحاصصاتهم المقيتة ، في مسعى لعرقلة كل خطوة نحو معافاة الوضع . وقد اصبح الرد واضحا الان، وهو يتمثل في المزيد من الضغط الجماهيري المليوني والمتنوع ، من طرف كل ابناء شعبنا الحريصين على مستقبل الوطن وتقدمه، ومن كل التيارات الوطنية - مدنيين وصدريين وغيرهم.
كل التحية والتقدير الى قواتنا المسلحة وهي تحرز الانتصارات ، وان افضل دعم لها ووفاء لشهدائها يتمثل في تخليص بلدنا من الفاسدين والفاشلين ، والمتشبثين بمناصبهم تحت عناوين « الشراكة «و» التوافق « و» التوازن « و» مصلحة المذهب والطائفة « و « استحقاق المكون « و» القائد الضرورة « وما الى ذلك ..