اعمدة طريق الشعب

ما الذي يحدث في السعودية؟ / قيس قاسم العجرش

ليس تدخلاً ولا اكتفاء من مشاكلنا الداخلية، إنما لأن الموضوع يعني استقرار المنطقة ويعني العراق أيضاً. اذ لم يعد هناك بلد في العالم يمكن له العيش بمعزل عن جيرانه، فهو إما مؤثر او متأثر أو كلاهما.
آخر الأخبار أن الرئيس أوباما تعرّض الى هجوم صحفي شديد بعد بيان البيت الأبيض الذي ادّعى أن المحادثات الثنائية مع العاهل السعودي والتي جرت أخيراً في الرياض كانت» ودّية» و»بنّاءة». الهجوم شنته الصحافة انطلاقاً من خبراء في الشأن السعودي تحرّت عنهم صحيفة « إنديبيندينت» البريطانية عبر كاتبها «باتريك كوكبيرن» الذي كشف ان العاهل السعودي الملك سلمان(80 عاماً) لم يعد يستطيع الكلام بلا مساعدة الكترونية.
هذه المساعدة تتم على شكل شاشة كومبيوتر يتم اخفائها خلف باقة كبيرة للورود توضع أمامه. أو أن تكون معلقة في الجهة الثانية من القاعة، بحيث يمكن للعاهل السعودي أن يراها ولا يراها ضيوفه.
بالطبع هو ليس الأول من بين زعماء العالم الذي يستعين بـ» أوتوكيو» أو شاشة عرض الكترونية للكلام الذي سيقوله، انما التركيز من الصحافة جاء على إثر تأكيدات البيت الأبيض بأن المحادثات كانت» بنّاءة « وودية وباقي الصفات التي صوّرت الزيارة على انها صريحة للغاية بين الملك والرئيس.
الامر انكشف ايضاً من خلال آخر الوفود الأجنبية التي استقبلها الملك سلمان والتي لاحظ اعضاؤها هذا الأمر وان الملك بقي بعيداً عنهم نسبياً مختفياً خلف باقة الزهور.
خبراء متابعون للسياسة السعودية ركزوا على أن السلطة الحقيقية قد انتقلت بالفعل الى ولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان. لكن الافتراق بين الاثنين واضح. اذ ان الخبراء رصدوا انتقالة للسياسة السعودية نحو العنف الظاهر والتصرّف بردود الفعل القوية (الخالية من بُعد النظر السياسي) كلما اعترى العائلة المالكة هذا النوع من الافتراق.
لا احد يتوقع أن تنهار السعودية نتيجة خلاف عائلي داخل العائلة المالكة، لكن التطور في اداء السعودية الخارجي والإقليمي نحو اخراج ما في الأكمام هو أمر واضح تماماً.
الأمر الأهم هو ما يكشفه هذا الموضوع من سذاجة تعتري البيت الابيض في ظل أوباما المغادر قريباً. الأمور لا تمشي بالبيانات الحلوة والملمعة. هناك من يرصد ويحلل ويتابع ويتقصى الحقائق.
في الحقيقة لم تكن الادارة الاميركية تختلف كثيراً عن الملك المختفي خلف الزهور، فهي حاولت الاختفاء كذلك، لكن خلف بيان مدبج مكتوب بلغة متفائلة لا تعني شيئاً. والذي لم يختفي فعلاً هو الفشل الدبلوماسي.
انتهى عصر الاخفاء ...وبدء بقوة عصر الملاحقة والحقائق الالكترونية.