اعمدة طريق الشعب

الامانة والنزاهة معاً ! / راصد الطريق

علينا ان نعترف بأنا خسرنا الشروط التي تتأسس عليها مدينة، وان مدننا التي كانت مدناً استحالت بسبب الفوضى، فوضى الافكار وفوضى الخبرات وافتقاد الثقافة وروح الفن، استحالت الى قرى. واصارحكم اكثر، كانت لنا قرى مهذبة ونظيفة ولها طابع ونظام.
سأُقصر حديثي المؤسف على بغداد العاصمة مثالاً. كانت لنا مناطق صناعية، وكانت لنا شروط بناء، وكانت لنا مساحات محددة لا تقل في هذه المنطقة، ويمكن ان تكون أقل في منطقة اخرى.
لم يكن يُسمح لمحلات الحلاقة إلا بإجازة وشروط صحية، ولم يكن يُسمح للمطاعم إلا باجازة وشروط صحية. أكثر من هذا ما كان يُسمح بسهولة بقطع اشجار عائدة للدار، وبخاصة مما وراء السياج، إلا مقابل زرع اخرى. ضرورات بقاء الخضرة. وثمة شرط في سنوات معينة يوجب زرع نخلة او زيتونة إن كان ثمة مجال. وإن مراقبي البلدية لا ينقطعون عن الشوارع وفروعها. متابعة لاجازات البناء ولرفع الانقاض ومنع التجاوز.
كل هذا انتهى بتوقف مراقبي البلدية عن العمل، علماً بانهم في وظائفهم ورواتبهم جارية. وصار غض النظر – الرشى هي التي توافق وتمنع – غض النظر عن التجاوزات واكبرها وأخزاها وافضحها امتلاك الارصفة وضمها الى الدور او جعلها محلات.
ليس رجال الامانة من الطيبة حد التسامح لهذه الدرجة. الاسباب واضحة والربح مشترك ولا جدوى من شكوى للامانة. هذا الكلام ينطبق على بلدية الرصافة كما على الكرخ. ولا نريد فضح صفقات المساطحات والاستيلاء على القطع الفارغة. فهذه تحتاج لتدخل النزاهة. تحتاج الى مسح القطع المسمّاة في خرائط الاحياء « مرافق عامة «وكيف استحالت عمارات.
اليوم محلات غسيل السيارات، والفيترية، ومحلات النجارة، وتبديل دهن ومحلات حدادة، كلها في شوارع بغداد الرئيسة. وفي الأزقة والفروع مصائب.
نحن نخسر معنى مدينة. نحن اليوم بلا مدن. قرى خليط زراعة وصناعة وحرف.. وأمانة العاصمة تستفيد!