اعمدة طريق الشعب

وماء الكلاب! / عريان السيد خلف

قل ما تجد في ريفنا العراقي بيتاً يخلو من الكلاب لما لها من اهمية في الحراسة والرعي والاستدلال احياناً. ويقال والعهدة على (عبيد آل مبارك) ان الكلاب على قلوب اهلها فهي قلما تنبح على الضيف الذي تحبه العائلة.
والكلب يمثل عند اهله دلالة وموقفاً، فلو ضرب جارك كلبك فمعناها انه مستاء منك، او يريد الانتقال من جوارك او انتقالك انت عنه. وكم مرة حدثت مشاكل ومخاصمات نتيجة هذه الحالة.
المهم.. للكلاب اسماء تطلق عليها منذ صغرها، حتى يصبح الاسم وسيلة الاستدعاء عند تقديم الغذاء او في المرافقة (كما اثبت ذلك بافلوف). والكلب لا ينسى من يؤذي صاحبه مهما امتد الزمن، ويستشهد عبيد بكلبه (ممدوح) الذي قاوم الحرس القومي بضراوة عندما جاؤوا للقبض عليه في شباط الاسود سنة 1963.
وظل الكلب ممدوح فترة طويلة يقطع الطريق في مدينة الثورة (الصدر) على المارة امام بيت عبيد سواء كانوا عمالاً او شرطة او جنوداً ما داموا يرتدون الملابس الخاكية، حتى قتلوه بصلية رشاش. وقد جلبته عائلة عبيد ودفنته داخل البيت، وهم حزانى عليه.
وقد ورد ذكر الكلب بالكثير من الروايات والاوصاف كقول الشاعر وهو يمدح احدهم:
انت كالكلب في الوفاء وكالتيس في قراع الخطوب
يقول الشاعر رسول حمزاتوف: كنت فتى احاول ان اكتب شعراً وكنت اتجول في الحقول والمراعي ابحث عن مادة للكتابة. اعتليت مرة رابية من الروابي فظهر خلفها قطيع كبير من الاغنام ترافقها مجموعة من الكلاب الضارية. وبمجرد ان لمحتني الكلاب اتجهت نحوي وهي تعدو بسرعة. صرخ الراعي من بعيد: (انبطح على الارض بلا حراك!) ففعلت وانا اكاد اسمع دقات قلبي، حتى وصلتني الكلاب وهي تنبح، فدارت حولي وهي تشم اشيائي وملابسي، ثم راحت تنبح حتى وصلني الراعي، الذي اجلسني وانا ارتجف خوفاً وسألني: ماذا تفعل هنا؟ قلت له: انا شاعر وابحث عن الشعر. فضحك وقال: اذا كنت شاعراً لماذا خفت من كلابي؟ قلت له: كلابك مسعورة ومخيفة. فقال: لكن ما دمت شاعراً فستصادفك في حياتك كلاب بشرية اكثر سعاراً من كلابي هذه.
وفي الابوذية جاء عن ذلك بيت للسيد خلف آل مسافر يقول:
الشرك يا صاحب الغيبه علي حال
ودين اللي تدينته علي حال
صديجي الچنت اودنه علي حال
چلبه ومزگ اهدوم العليه
فرد عليه جواد الجياشي يقول:
وحگ البلمهد ربه وحاله
الدنيا اوياي للهامه وحاله
صديجي من شله چلبه وحاله
الچلب رد وصديجي انهد عليه