اعمدة طريق الشعب

لا بد من مستشار فني للمنتخب .. ولكن !/ منعم جابر

ألقت الظروف التي يعيشها الوطن من مشاكل امنية وواقع اقتصادي صعب ووضع تقشفي وفقر مالي بظلالها على عمل ومسيرة عموم الرياضة العراقية وكرة القدم بالذات. الامر الذي وضع قادة الرياضة امام مأزق حاد وواقع استثنائي تعذر معه عمل المدربين الاجانب داخل العراق خوفا من الوضع الامني والظروف غير المستقرة في البلد يضاف الى ذلك عدم الرغبة بالعمل باجور زهيدة لا يقبلها المدربون الاكفاء قيمة لعملهم واسمائهم.
كل هذا وغيره دفع قيادة الرياضة العراقية عموما وكرة القدم وهي اللعبة الاشهر والاكثر انتشارا وشعبية إلى عدم التعاقد مع المدربين الاجانب، ما حرم الرياضة عموما وكرة القدم خاصة من طاقات وقدرات اجنبية يمكنها تقديم خزين علمها ومعرفتها التدريبية للرياضة العراقية .
وتماشيا مع الواقع نجد ان سفينة التدريب العراقية قد رست عند بعض المدربين المحليين الاكفاء والمشهود لهم بقيادة الكرة العراقية والسير بها الى بر الامان، وهما الكابتن راضي شنيشل مدرب المنتخب الوطني، المدرب الوطني الذي عاش عالم الاحتراف لاعبا ومدربا لسنوات طويلة واستفاد من كفاءات تدريبية عالية المستوى وعمل مع الكرة القطرية وحقق معها انجازات طيبة ويمتلك شخصية متوازنة وقدرات قيادية متميزة وسبق له ان حقق نتائج مقبولة مع الكرة العراقية في بطولة اسيا الاخيرة حيث جاء الفريق تحت قيادته رابعا وهو انجاز طيب.
اما عبد الغني شهد، فهو مدرب جيد حقق نتائج جيدة على المستوى المحلي واستطاع ان يلفت الانظار اليه عند قيادته منتخب الشباب، كما حقق نتائج جيدة مع الاولمبي وتأهل الى دورة ريو الاولمبية، وهو شاب طموح وامامه الشيء الكثير . ولكن الملفت إلى النظر ان هذين المدربين قد توجها نحو مدربين مساعدين او مستشارين اجانب بشكل لافت إلى النظر، من دون دراسة وتمحيص، وكأن ما حصل من اخفاق وتراجع في مستوى الكرة العراقية قد جاء بسبب المدربين المساعدين او مدربي حراس المرمى او من عقول المستشارين !
فما السر في تسمية هؤلاء المساعدين او المستشارين وصرف مئات الالوف من الدولارات عليهم في ظل التقشف المالي؟.
اعتقد ان ما يحصل اليوم في الفريقين الوطني والاولمبي يحوي الكثير من الاجحاف والهدر في الامكانيات المالية وعدم الدقة والغبن الواضح لبعض الكفاءات العراقية.
وابدأ أولا في فكرة الاستعانة بالمستشار، وهي فكرة جيدة وضرورية، وقد اثبتت الاحداث صحتها، حيث جربتها دول وبلدان متقدمة كرويا واكثر خبرة مثل البرازيل حيث استعانت بمدربين كبار وعمالقة في علم التدريب للجلوس بعيدا عن المدرب وتسليمه ملاحظات وافكار واراء تخص هذا اللاعب او ذاك من اي من الفريقين . وهنا لا بد للمستشار ان يعرف لاعبي فريقه جيدا حيث يعطي الملاحظات المناسبة الجيدة للمدرب المسؤول . اما ان يأتي مستشارا لا يعرف عن لاعبينا الا النزر القليل فهذا لا يستطيع تقديم المشورة المناسبة وبالتالي ستضيع المشورة ويضيع المال ! .
أرى من خلال خبرتي وتجربتي ان لا بد من مدرب خبير اكاديمي عراقي يجمع خبرة اللعب والمعرفة العلمية ليكون مستشارا امينا ومخلصا للكرة وللمنتخب والجهاز الفني . وهناك اسماء كثيرة تمتلك المعرفة الجيدة بقدرات وكفاءات وامكانيات لاعبينا، ولها تجربة مع المنتخبات والفرق العراقية اضافة الى خزين علمي وامكانيات اكاديمية، ولنا بتجربة المدرب يحيى علوان مع شنيشل في بطولة الامم الاسيوية الاخيرة مثال جيد . اما ان نسعى إلى مستشارين اجانب فأظن ان هذا خطأ كبير سيجلب للكرة العراقية الخسارة، وهذا الحال ينسحب على بقية المدربين المساعدين ومدربي حراس المرمى فالموجود افضل من المعروض على الاقل في ظل الظروف القائمة .