اعمدة طريق الشعب

وصولات.. ميزانية الدولة / راصد الطريق

وانت تتجه الى شارع المتنبي، تجد في مخازن بيع القرطاسية انهم يبيعون وصولات. طبعاً، وهذا هو المفترض، هي لاصحاب الاعمال. يعطي البائع وصلاً بثمن السلعة التي باعها. بعض المشترين يحتاجون الى وصولات لتقديمها الى من كلفهم بالشراء، دائرة، مكتب، لدفع الشك او لضرورات صرف المبلغ.
لكن هذه الوصولات مدانة بثلاثة اوجه. الوجه الاول، ان البائع يمكن ان يكتب الرقم الذي اراده المشتري لكي يعاود الشراء منه. وهؤلاء غالباً ما يشترون لدوائر الدولة ومؤسساتها، وهنا فرصة فساد « زي العسل «.
الوجه السيء الثاني انها وصولات قابلة للتزوير. فالمشتري يشتري شدة وصولات، دفتر وصولات، ويضع كاربون، او لا يحتاج لذلك، ويعيد كتابة المواد والارقام. فالحاسبة الواحدة المشتراة تصبح اربع او خمس حاسبات، والجهاز الآخر اربعة او خمسة اجهزة، واكتب ارقاماً.. التوقيع بسيط والختم بسيط، والاستلام في الدائرة بسيط ايضاً، وبحكم الاتفاق والتفاهم.
وحتى الآن نحن لم ندخل مصيبة المصائب. فبعض الفاسدين في حسابات الدوائر يمكن ان يطبع وصولات شبيهة بالرسمي، وباسم الحكومة والوزارة والدائرة. وهو يستلم من المُراجع المبلغ ويعطيه وصلاً مما عنده، غير الرسمي، غير الاصولي. النتيجة ان ما تكسبه الدائرة من رسوم لا يذهب الى الدائرة ولا للوزارة ولا لخزينة الدولة. المعاملات مشت « دهن « والرسوم مدفوعة، والمُراجع استلم وصلاً! كل شيء حسب الاصول!
اعتراضنا اولاً على الفساد برمّته. واعتراضنا على التزوير وخيانة الدائرة والدولة. واعتراضنا ان هذه الرسوم التي يقتلعونها من جيوب حتى الفقراء، تدخل جيوب فاسدين، والدولة المحترمة المصونة ذات الانضباط العالي، تأخذ رسوم ولا تتسلمها! كيف ستمتليء خزينة الدولة من الكمارك، من الضريبة، من الامانة، من التسجيل العقاري، من سوى هذه وهي كثيرة؟
لست اقتصادياً لست قانونياً
ولذلك احيل هذه « الاحتمالات « و « الحقائق « الى ذوي الاختصاص. وأقول للدولة الحريصة على خزينتها: استمعي لآراء وافكار ذوي الاختصاص واوقفي السرقات بأنواعها. ليس صعباً ايجاد انموذج صعب التزوير للوصولات الرسمية. ليس صعباً ان تشكل هيئة تفاجيء حسابات الدوائر وتدقق سلامة وصولاتها. ليس صعباً على النزاهة ان تستوقف المراجعين او اصحاب المعاملات وتطلب الوصل الذي تسلمه المراجع: هل هو صحيح، رسمي؟ الحمد لله. هل هو مزور ووراءه فساد؟ إذاً، خذوا هذا الفاسد واكشفوا فعلهُ هو ومن وراءه.
كفى فساداً يا دولة!