اعمدة طريق الشعب

على شط العرب تحله.. / عبد السادة البصري

قبل يومين وخلال تواجدهم في مدينتي البصرة اقترح الأصدقاء إبراهيم الخياط ، د. عمار المسعودي ورياض الغريب أن نستقل زورقاً بخارياً ( ماطور) في نزهة قصيرة بين مياه شط العرب .. فتبادر الى خاطري استذكار جميل عن الشط أيام زمان حين كُنا نسبح بين مويجاته ونصطاد السمك بــ ( الشص ) وحيث صفاء الماء وعذوبته التي تروينا كلما اشتد بنا العطش ونحن نلعب .. ففي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وحينما كنا صغاراً كان الشط سمير أيامنا حيث المراكب الكبيرة والزوارق البخارية والشراعية واللنجات تمخره ليلاً ونهاراً باعثةً فينا شعوراً بالفرح ونحن نسمع هدير محركاتها وصفيرها.. كان ماؤه عذباً صافياً نكرع منه ونغترف كل لحظة !!
أذكر إنني اتخذت مكاناً قريباً منه للدراسة والقراءة يومياً، فصار ملاذاً لي في ذلك الوقت كان يُعرَفُ بإسمي وإذا أرادني أحد من أهلي وأصدقائي وجدني فيه.. بين النخيلات وسط حشائش الشاطئ الخضراء وقبالة مياه الشط!
استذكرت تلك الأيام وتحسرت كثيراً وأنا أشاهد ماء الشط الآن ملوثاً نتيجة ما ترمي فيه الأنهار القادمة من عمق المدينة من مياه ثقيلة ( مجاري) وما يحمله من أوساخ وبقايا علب العصير والبيبسي الفارغة وقناني الماء.. كما نظرت الى الجرف وهو يتآكل شيئاً فشيئاً، إضافة إلى الجسر العملاق الذي لم يكتمل بناؤه حتى الآن ـــ لا أدري هل توقف العمل فيه كحال المشاريع الاخرى التي بقيت نص ستاو ــ أم أن المشروع قيد الانجاز؟!
شط العرب معلم من معالم البصرة الترفيهية ومنفذها التجاري صوب الخليج ودول العالم ناحية البحر، علينا أن نفكر جادين بجعله لائقاً بإسمه وتاريخه وأن نبعد أنابيب الصرف الصحي ومياه المجاري الأخرى عنه وبالأخص ما تحمله مجاري المستشفى التعليمي وفندق الشيراتون وغيرها من المصبات، ليعود الى سابق عهده نقياً صافيا يسقي الزرع والضرع. لا أن نتركه نهباً لمياه البحر المالحة ومصبات الأنهار الآسنة وغيرها.
كذلك أن نفكر بكيفية رفع السفن الغارقة فيه وبكريه بين فترة وأخرى وتجميل شاطئيه وبناء متنزهات على جانبيه ليكون محطة استراحة ونزهة فهو سميرنا ونديمنا في أوقات النزهة والترويح عن النفس والبحث عن الهدوء ، كما انه يسكن ذاكرتنا منذ الطفولة فلنا معه حكايات وحكايات..
انه أغنيتنا المفضلة في كل حين وقد انشد له المطربون ووصفه الشعراء بأجمل الأوصاف، ولا يمكن أن تغيب عن بالنا أغنية «على شط العرب تحله ..أغانينا وعلى البصرة.. كمر ونجوم يا محله.. أغانينا وعلى البصرة».