اعمدة طريق الشعب

حماية الودائع المصرفية إصلاح لسياسة الادخار / إبراهيم المشهداني

في الخامس من حزيران عام 2016 نشرت طريق الشعب في صفحتها الاقتصادية مقالا حول مسار القطاع المصرفي في العراق أكدت فيه أهمية تفعيل الشركات الساندة للقطاع المصرفي في حماية ودائع المواطنين وفي السابع من الشهر ذاته قرر مجلس الوزراء ، بعد يومين، الموافقة على تأسيس شركة لضمان الودائع المصرفية في المصارف الحكومية والخاصة، برأسمال قدره 100 مليار دينار عراقي.
وهذا القرار، وان جاء متأخرا ، إلا انه يمثل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لكونه يفتح نافذة لتشجيع المواطنين على إيداع مكتنزاتهم في المصارف الحكومية والأهلية ويمنح الثقة في تلك المصارف التي كانت غائبة لفترة طويلة بعد المشاكل التي عانتها بعض المصارف الأهلية كالوركاء والبصرة علما ان بيانات البنك المركزي تشير إلى إن مقدار المبالغ المكتنزة لدى المواطنين تزيد على 30 تريليون دينار عراقي إي ما تعادل نصف الأموال المودعة في المصارف الحكومية والأهلية البالغة 68 تريليون دينار عراقي، منها 22 تريليون دينار منها مودعة لدى المصارف الأهلية.
إن مما يدعو إلى اعتبار تشكيل شركة لحماية الإيداعات من تبعات الافلاس خطوة لدعم الاقتصاد العراقي كونها ستكون محفزا لتشجيع الادخارات من جانب الشركات الاقتصادية الأهلية والحكومية والأفراد كمنطلق للاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني ودفع عملية التنمية الاقتصادية بخطوات سريعة إلى الإمام على الرغم من أن إيجاد شركات تامين على الودائع ليست بالمهمة السهلة في ظل اختلالات كبيرة في القطاع المصرفي وانكماش في الاقتصاد العراقي وإشكاليات في الأنظمة والقوانين والتعليمات الخاصة بالتعاملات المصرفية وطبيعة العلاقة بين الشركة والمصارف الأخرى وعلاقتها مع البنك المركزي وقدرتها على ممارستها دورها الرقابي للوقاية من مخاطر الإفلاس او العجز المالي وما إلى ذلك.
إن شركات التامين على الودائع تستهدف قضيتين الأولى تتعلق بحماية حقوق المودعين والثانية المحافظة على استقرار الجهاز المصرفي والمالي والعمل على تفادي حدوث أزمات مالية في البنوك وهذا الهدف الأخير يلقي على المصارف مهمة الإيفاء بكامل التزاماتها تجاه الشركة في التمويل والرقابة ومساهمات البنوك التجارية بالإضافة إلى منح الضمانات السنوية من مبلغ الودائع.
وإذ نتحدث عن وظيفة شركة التامين على الودائع، فحري بنا الإشارة الى المخاطر التي تتعرض لها البنوك والتي تتمثل أحيانا بهلاك جميع أموال المصرف المعين او جزء كبير منها بحيث لم يعد وجوده ذا فائدة، او فك الاتفاق بين الشركاء او الحكم قضائيا بإفلاسه او ربما يصل وضعه المالي إلى حافة الخطر وتكون هذه الحافة عندما تتساوى في الأصول مع الخصوم فإذا انخفضت الأصول فان ذلك يؤشر إلى فقدان قدرة المصرف على الاستمرار وبالتالي الحكم بالإفلاس ومن هنا يتعين على الشركة مراقبة مستمرة لنشاط المصارف المتعاقدة معها بالتنسيق مع البنك المركزي لممارسة الإجراءات الوقائية عبر إجراءاتها الرقابية وتحديد نسبة السيولة من خلال معرفة نسبة رأس مالها إلى الودائع والموجودات
إن المخاطر التي تصيب الوضع المالي للمصارف يمكن إن تنتقل إلى الشركة نفسها اذ تعمل في نفس البيئة وتتبادل التأثير بين منظوماتها وبالتالي تفقد خاصيتها الوظيفية بالحفاظ على استحقاقات المودعين ومن الممكن إن تخضع لنفس معايير التعويض في حالات الإفلاس او الازمة من هنا يأتي دور البنك المركزي ووزارة المالية لمنحها الضمانات الكافية من خلال اتخاذ قرارات سيادية تماهيا مع التجربة الإماراتية كمبادرة متفردة في تاريخ القطاع المصرفي وذلك بضمان أموال المودعين جميعهم بالإضافة إلى أموال المودعين في فروع المصارف الأجنبية بهدف حماية الجهاز المصرفي من الأزمات العاصفة ومثل هذا القرار يوجب على البنك المركزي إحكام رقابته على نشاط المصارف من خلال إدخال النظام الالكتروني في عملية الرقابة ومواجهة إمكانية تعرض العمليات النقدية التي تقوم بها المصارف إلى مخاطر الأزمة إلى جانب الرقابة الوقائية التي تقوم بها شركة التامين على الودائع. بذلك نكون قد حققنا قطاعا مصرفيا فاعلا في استراتيجية التنمية الاقتصادية.