اعمدة طريق الشعب

صحّة صدور / قيس قاسم العجرش

اللفظ صار يمثل كابوساً لأي مواطن عراقي له حاجة عند الدوائر الحكومية. طبعاً الأمنيات للجميع بألّا تنشأ عندهم حاجة عن دوائر الحكومة وإن كان هذا أمر محالاً.
التسميات من هذا النوع التي تمثل(كابوساً)، تزداد يوماً بعد آخر على قائمة المواطن.
لننظر في كلمة أخرى ستسمعها مراراً وأنت تراجع دواوين الحكومة، سيطرق أسماعك تكراراً و مراراً السؤال: هل أنت مهجّر؟. واذا كانت الاجابة بـ(نعم)عندها سيجري تطبيق قائمة واسعة من الفقرات التي تحكم تعامل الجهاز الحكومي معك على هذا الأساس. سيختلف كل شيء جذرياً.
يصعب تسجيل سيارة في دوائر المرور للمواطن المهجّر، ويصعب تسجيل(استضافة)أبنائه في المدارس الحكومية على سوء مستواها التعليمي. ويصعب تأجير دار سكنية له، حيث سيكون صعباً جداً عليه أن يستخرج بطاقة سكن مؤقتة أو جديدة يثبت فيها سكنه المستأجر الجديد. ويصعب أن ينتقل في عمله الى دائرة حكومية نظيرة لدائرته المنحلّة أوالتي غيّرت مقرها مراراً نتيجة الأعمال العسكرية.
ويصعب على المهجّر أن ينخرط في عمل جديد. ويصعب عليه أن يفتح له حساباً في البنك. ويصعب أن يخرج من بغداد ثم يعود اليها نظراً الى ان السيطرات ستستوقف المهجّر وستسأله أن يعيد تلاوة قصيدة تهجيره الألفية مع كل استفهام سيواجهه. يصعب على المهجّر أن يفتح دكّانا بمهنة معينة لأنه غير مسجل في نقابات تلك المهنة أو منافذ تسجيلها الحكومية.
هذا بعض من الصورة التي يتعرّض له المهجر، وفوق هذا سيطالب بصحة الصدور مثل زميله المواطن غير المهجّر عن كل ورقة نجح في انقاذها لحظة هرب بجلده من داره، فأي لظى نعرّض اليه وجوه هربت الموت بالحظ وحده؟.
لقد دب اليأس في الناس وهم يسألون الدوائر الحكومية أن تسهل من اجراءات عملها، خاصة مع المهجرين. والآن باتوا يطلبون(الرحمة)من الجهاز الحكومي المفترض فيه أن يرعى شؤونهم.
كيف يمكن ان ينظر المجّر برأيكم الى بلد فقد فيه داره، وقلّ فيه مقداره، وأهين فيه وجوده، وهو الآن يستجدي رحمة الحكومة من أجل ان تقبل به مواطناً على قدم المساواة مع الآخرين؟..
الرحمة هنا بمستقبل العراق قبل أن تكون لمستقبل عائلة المهجّر، أم ان الرحمة هي الاخرى بحاجة الى صحّة صدور؟.