اعمدة طريق الشعب

شبابٌ وعراق شاب / قيس قاسم العجرش

يكرر علماء الاقتصاد وباحثو الأنثروبولوجيا أن التركيبة السكانية للشعب العراقي هي تركيبة شابة. وفي الحقيقة مؤشرات الشباب «تزداد» مع مرور الوقت. وهي تختلف عما كانت عليه قبل عشر سنوات مثلا، أو عشرين سنة.
الأمر المفرح أن قراءات الباحثين يعدّونها ميزة وهبة. وهي بمثابة احتياطي عمل لا ينضب. وان أي تغيير اقتصادي أو نهضة شاملة ستستلزم بالأساس وجود عدد كبير من الراغبين بالمشاركة، وهذه ستتوفر أكثر شيء لدى الشباب. لكن المؤسف في الأمر هو أن تضيع هذه الثروة وتفوتها الفرص نتيجة قلّة الوعي وضعف المخرجات الحكومية.
لا يكفي ان تكون شرائح الشباب هي الأوسع، إنما الاساس ان تتوفر قاعدة تخطيطية توازي توفر الشباب. وإلا سنتحوّل الى شيء مشلول يشبه حال الأرصدة المحتجزة في البنوك. لن تعني شيئاً مالم تشارك حقيقة في بناء الاقتصاد وتمويل المشاريع.
لم تتوفر لدى معظم الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة أية رؤية واقعية لاستثمار هذا المكنون والخزين الشاب من الموارد البشرية –اذا ما استثنينا جهود هذه الاحزاب أيام الانتخابات- فلم تتعد نشاطاتهم الشبابية التحشيد والتجنيد. باختصار كان لسان حال الأحزاب يقول «نريد أصواتكم ولا همّ لنا بهمومكم».
الأولى الآن أن تتحرك الحكومة لاحتواء شريحة الشباب العظيم في آمالها وسعتها، وإلّا فإن مآلات إهمال تطلعاتهم لن تنتهي الى خير.
لنتذكر ان التغييرات الكبرى والحركات المهمة والربيع العربي والتحشيد كلّه جرى على ايدي الشباب. وهم أوّل فئة مجتمعية يمكن لها أن تكسر تابوهات الكلاسيك السياسي، خاصة اذا ارتبط هذا الكلاسيك بتقنين لأسوأ ملامحه:(المحاصصة والفشل الإداري والحكومي).
الشباب ثروة متاحة، لكنها قابلة للاشتعال. لنا أن نتمنى توظيفها لصالح نهضة العراق، لكن حذار أن تمارس الحكومة(التمني!)، فواجبنا أن نحلم وواجبها أن تنفذ الاحلام. وبين الحلم والتنفيذ سيكون الشباب هم الجيش الجاهز والحصري لتنفيذ هذه الأحلام. في الحقيقة لا نمتلك غيره ذخراً.