اعمدة طريق الشعب

لا خيار سوى العراق المدني الديمقراطي / جاسم الحلفي

فشل مشروع المحاصصة الطائفية فشلا كبيرا، واصبح الفساد علامته الفارقة. وليس هناك انجاز يفخر به دعاة هذا المشروع والمروجون له، بعد ان نهبوا ثروات العراق وبددوها. ولم تنفعهم الدول الاقليمية التي جعلوا منها قبلة لهم.
المشروع الطائفي هو المسؤول عن تردي الاوضاع، واستمرار وتعمق الأزمة السياسية في البلاد بابعادها المتعددة: كأزمة نظام حكم، وازمة حكومة، وأزمة علاقات سياسية، وأزمة ثقة متبادلة بين المتنفذين.
والطائفيون هم سبب تسارع وتيرة إنتاج وافتعال الأزمات. وهم وحدهم المسؤولون عن تراجع مستوى أداء أجهزة ومؤسسات الدولة، وعجزها عن توفير الخدمات العامة، التي تشهد بمجملها انحساراً وتراجعاً، يقابله اتساع في مديات الفساد وتفاقم في المصاعب المعيشية للفئات الشعبية.
ليس في بال احد منهم مصالح المواطنين الذين يتطلعون الى حقهم في الامن و الخدمات. وقد عرّى سوء الخدمات التعليمية والصحية والمعيشية كل ادعاءاتهم، وفضح تردي الكهرباء واقع «كفاءة» المسؤولين سواء في انجاز مشاريع الكهرباء، التي ظهر ان شيئاً منها يستحق الذكر لم ينفذ، نسبة الى المليارات التي سرقت في وضح النهار وبعقود رسمية!
ولا يختلف الطائفيون عن بعضهم في شيء، فهم متوحدون في خدمة المشروع الطائفي، وسرعان ما يوقظون الانقسام الطائفي. فانحيازهم عند الحاجة يكون للهويات الفرعية التي يلوذون بها، حيث برهنت أزمة نظام الحكم، انهم زعماء لطوائفهم وليس للعراق.
نحن لا نحلم حينما نتمسك بالمشروع المدني الديمقراطي، وحتى اذا كان حلما فلا بأس في ألف حلم مدني ولا كابوس الطائفية. ونحن لن نتنازل عن مشروعنا ونخذل أحبتنا الذين وجدوه خيارا وطنيا متحضرا لبناء العراق، مهما هيمنت قبضتهم على السلطة، واتسعت خزائنهم بمال الفساد، ودبج لهم الإعلام الذي اشتروه صورا مزوقة، فالزيف هو العلامة الفارقة في سجلهم المشين.
لا خيار لنا سوى العراق المدني الديمقراطي، فهو متراسنا الأخير. ولنواصل العمل بنفس طويل وعمل منظم وبتفانٍ ونكران ذات، دون الحاجة الى «مستبد عادل».
نعم، ان المشروع المدني لم يكن عاقرا رغم مناكدة الطائفيين وحصارهم له. تكفيه فخرا نظافة الجيب من المال العام، ونظافة اليد من دم العراقيين.