اعمدة طريق الشعب

عراق نادية مراد / قيس قاسم العجرش

وحدها، ببسمتها، عرّت فصيلة كاملة من الوحوش البشرية وأخرجتهم من وراء التستر لتفضحهم حول العالم.
كان بوسعها ان تبقى مستترة ، تندب حظها وتشبع الليالي بالأنين والألم مثل أي فتاة تتعرض للإغتصاب، لكنها وضعت العالم أمام مسؤولية حقيقية: ان الإرهاب ليس شأناً داخلياً، ولا ينتج من تفاعل اجتماعي طبيعي، أو عن(حركة تحرر)!، كما حاولت بعض الأقلام التسويق لإرهاب داعش لحظة ظهوره.
نادية ستكون سفيرة فوق العادة لعمليات السلام والإغاثة على هذا الكوكب. كان بامكانها الانزواء في ركن من بيت تدفع ايجاره قوانين اللجوء الاوروبية، لكنها فضّلت المواجهة والنظر في أعين الناس، فهي لم ترتكب خطأً.
الخطأ هو ما تلصقه المجتمعات الشرقية من «عار» بالمغتصبة. هذا الأمر لا يقل في بشاعته عن أثر الجريمة نفسها. وبدلاً من التفاخر بأن جادت الأيام علينا بمثل نادية مراد، نجد أن المؤسسات الحكومية وشبه الرسمية قد تجاهلت تماماً خبر بدء نادية مراد مهامها كسفيرة أممية للنوايا الحسنة.
التجاهل أو عدم الإهتمام الإعلامي يعود بجذوره الى منابع فكرية فاسدة لا تختلف كثيراً عن تلك التي حملها مغتصب نادية، وعلى أساسها أخذ هذه الفتاة الى منزل والدته في الموصل، وتباهى بأنه أنقذ فتاة ايزيدية من (الكفر) ليقدمها الى جوّ(الإيمان)!!, هكذا فعل الإرهابي المُغتصب، بينما استحسنت فعله والدته! حسبما سبق لنادية أن حكت وفضحت أمام الفضائيات.
لأن هذا المجرم المغتصب انطلق من مستند فكري فاسد صورة واصلاً، يشبه في فساده المستندات الفكرية التي منعت بعض وسائل الإعلام من الإحتفاء بانتصار نادية مراد، وخبر قيامتها العظيمة لتكون رسولة أممية للسلام.
العراق الذي يمكن أن يأتي، ويمكن أن نعيشه، ويمكن أن نأمل فيه خيراً، هو عراق نادية مراد حصراً. أمّا عراق الظلام الذي تفكّر فيه بعض العقول التي مازالت تعدّ الايزيديين مواطنين من درجة أدنى، أو أنهم لا يجب مخالطتهم فهذا لا يختلف عن مستنقع داعش كثيراً.
بمثل نموذج نادية يمكن أن نتفاءل، ونفرح، ونرفع رؤوسنا طربين فرحين بعراقيتنا التي تجمعنا بها.
مثل نادية هو المستقبل الذي يمكن أن نتمناه ، فقط مثل نادية.