اعمدة طريق الشعب

متى يُفعّل قانون مجلس الخدمة العامة؟! / صالح العميدي

لا فائدة من تشريع اي قانون، اذا لم يأخذ طريقه الى التطبيق، وتتم مراجعته وفق ما يفرضه الواقع. فقد اقر قانونا اﻻحزاب السياسية ومجلس الخدمة العامة وغيرهما، اﻻ ان القوى المتنفذة وافقت على تلك القوانين تحت ضغط المجتمع وحاجته الملحة اليها، وهي تشعر أن في تطبيقها ثلماً ﻻمتيازاتها ونفوذها.
لقد شهدت البلاد توسعا كبيرا في اعداد موظفي الدولة الذين يتمتعون بمستوى معيشي جيد رغم التوزيع غير العادل للرواتب واﻻجور، بينما انحدر اغلب الفقراء من العوائل التي تعتمد على مصادر الدخل غير الحكومية، ما دفع الكثير من الخريجين العاطلين، الفقراء منهم بصورة خاصة، إلى البحث عن وظيفة حكومية. اﻻ انهم غالبا ما يصطدمون بحقيقة احتكار الوظائف الشاغرة ضمن الحلقات العائلية والعشائرية والحزبية الضيقة المرتبطة بالمتنفذين او المحيطة بهم، فضلا عما تشكل من شبكات ومنظمات فساد ﻻبتزاز المواطنين في تمشية بعض طلبات التعيين مقابل رشا! الأمر الذي اشاع سلوكيات اجتماعية منافية للنزاهة والعدالة، وأدى إلى إصابة الوظيفة العامة بخلل كبير يضاف الى ما ورثته من اشكاليات من النظام البائد. فضعفت قدرة الوظيفة العامة على اداء دورها المؤمل في ادارة مؤسسات الدولة وفي اداء مهامها، خاصة تلك المرتبطة بحياة الناس مباشرة، والمعنية بتقديم الخدمات لهم. وصار اسناد الوظيفة العامة يخضع الى المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية وﻻغراض جمع المريدين واﻻصوات اﻻنتخابية! وقليلة هي الحاﻻت التي يجري فيها التعيين عبر اﻻعلان واختيار الشخص المناسب للوظيفة المعلنة.
يصر المتنفذون على تشكيل مجلس الخدمة وفقا للمحاصصة، وهم لم يتفقوا على آليات هذا التشكيل الذي ينبغي ان يتيح للمواطن التقديم الى الوظيفة على وفق الكفاءة والتأهيل، وبما يوفر الفرص المتكافئة امام العراقيين جميعا، ليتنافسوا بحرية دون تمييز لأي سبب او ذريعة.
ان تحقيق هذا الهدف سيوفر جانبا من العدالة اﻻجتماعية، ويفعل مبدأ المواطنة، ويساهم في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ويحد من ظاهرة الترهل في مؤسسات الدولة، ومن تفاقم البيروقراطية والفساد. ولهذا يتساءل المواطنون: متى يفعّل قانون مجلس الخدمة العامة؟!