اعمدة طريق الشعب

PDF / قيس قاسم العجرش

بصمت كبير، فقد تعود صاحبي على الصمت. أقول بصمت يليق بعاقل مثله، اتصل بي وطلب منّي أن أسهّل له عملية طباعة ثلاثة كتب لابنتيه(كتب منهجية دراسية)، وقال إن معرفته بطريقة التنزيل من الإنترنيت محدودة.
في ذلك المساء زارني جالباً معه (بند) ورق أبيض، وتدبرنا كابسة أوراق كبيرة ومعها الأسلاك الصغيرة الخاصة بكبس الأوراق. وبواسطة تنزيل ملف((PDF وتوزيعه على الورقة الواحدة من حجم A4 بطريقة تضمن طباعة أربع صفحات في الورقة الواحدة، تمكن صاحبي ومعه صديق آخر من طباعة أول الكتب ( وكان كتاب الرياضيات للصف الثاني المتوسط).
راقت الفكرة لصاحبي، وزارتهم في البيت إحدى جاراتهم راجية أن يطبع لابنتها(وهي زميلة ابنته في المدرسة) كتاباً منهجياً آخر بنفس الطريقة.
ولم يكن من صاحبي إلّا أن يعاودني من أجل (تنزيل) كتاب آخر من الانترنيت. وهكذا تكررت العملية الى أن نفذت أسطوانة الحبر. وهنا تدخلت الأقدار و(الترتيبات) إذ كان أحد أقرباء صاحبي هذا من العارفين بأمور تقنيات الطابعات الإلكترونية والحاسبات، فاقترح على صاحبي أن يجري عملية(إعادة ملء) الأسطوانة التي نفدت بالحبر. فإعادة الملء ستكلّف مبلغاً أقل من شراء واحدة جديدة. و هذا ما حصل بالفعل ، ثم تبرّع أحدهم بثلاث اسطوانات حبر جديدة، وجاء آخر بكمية من الأوراق تكفي لطباعة عدد محترم من الكتب المنهجية. الأمر تفاقم، وتطور. ثم اقترح أحدهم على صاحبي أن يستخدموا جهاز استنساخ لطباعة الاوراق الداخلية وبالفعل هذا ما حصل، لكن الجودة كانت واطئة.
كان الجميع مستمتعين بإنجاز هذه الكتب لأبنائهم وبناتهم. أما صاحبي الصامت فلم ينبس بكلمة تبرّم أو تشكّي، وواصل عمله بصمت كعادته. لكنه في النهاية همس لي بخجل قائلاً: «باعتبار أني الآن نجحت في طباعة المناهج التي فشلت وزارة التربية في طباعتها، شنو رأيك لو أرشّح نفسي للانتخابات القادمة!؟.
«، أجبته بقولي :»ممتاز، رشّح وأنا سأدعم ترشيحك. لكنك وقتها لن تنجح في طباعة كتاب واحد!».