اعمدة طريق الشعب

تخريب التعليم بقرار رسمي! / جاسم الحلفي

رغم التظاهرة التي نظمتها نقابة المعلمين يوم الثلاثاء ،٨ تشرين الثاني ٢٠١٦ ، أمام وزارة التربية، وحظيت بمساندة نشطاء حركة الاحتجاج، وأهالي الطلبة، كذلك التظاهرات التي سبقتها في بغداد والمحافظات ونظمتها تنسيقيات الاحتجاج في اليوم الأول من شهر تشرين الثاني الجاري ، رغم ذلك كله لم تجر إقالة أو محاسبة وزير التربية ومسؤولي الوزارة بعد فشلهم في توفير المناهج التعليمية للطلبة.
كانت التظاهرات قوية بسعة الحضور ووضوح المطلب، إذ ركزت على تلكؤ الوزارة في توزيع المناهج الدراسية، رغم مرور ثلاثة أشهر على بدء الدراسة، في سابقة خطيرة لم يشهدها تاريخ العراق المعاصر.
الواضح أن فعل المحاصصة وسلطتها وسطوتها تفوق أية محاولة لمواجهة الفساد، لذلك عجزت لجنة التربية والتعليم البرلمانية عن استجواب الوزير في مجلس النواب، وهو الذي غطى على الأموال العامة المهدورة، من خلال التصويت على الحسابات الختامية لأربعة أعوام.
فأمام سعة الفساد في وزارة التربية، الذي طُرحت أدلته في برامج تلفزيونية، وقف البرلمان صامتاً، وغابت الأصوات العالية لما سمي بـ ( كتلة الاصلاح)، ولا يمكن وصف لا مبالاة أصحاب الشأن إزاء هذا الميدان المهم، إلا بالاستهتار بمستقبل جيل كامل، من اجل إفشال التعليم الحكومي، والقضاء على مجانية التعليم، وخصخصته لصالح رموز المحاصصة والفساد. في وقت تعمل فيه الدول التي تحترم العلم، وتسهر الانظمة التي تسعى إلى الرقي والتقدم على الاستثمار في مجال التعليم بكل الإمكانيات.
ويمكن متابعة تسابق البحوث على مستوى العالم، لتطوير آليات هذا المجال الحيوي، وسوف لن تكون فنلندا الدولة الوحيدة التي ترسم مساراً لتغيير مناهج الدراسة وطرق التعليم جذريا. إذ وضعت خطة، تبدو لنا غير منطقية، تتضمن إلغاء تدريس مواد الفيزياء والرياضيات والأدب والتاريخ والجغرافيا، كمواد مستقلة منفردة، وذلك بحلول عام 2020، حيث سيكتسب الطلاب معارفهم عن طريق دراسة مواضيع متكاملة عن طريق الجمع بين المواد.
يعني ذلك، أنه عند دراسة موضوع الاتحاد الأوروبي مثلا ، تتم دراسته من خلال الاقتصاد والتاريخ والجغرافيا. كما ينظر إلى الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال أيضا من وجهة نظر التاريخ والجغرافيا والرياضيات. وسيتم تغيير النمط التقليدي في التعامل بين المدرس والتلميذ.
هذه ثورة حقيقة في مجال التعليم ستكسب المجتمعات المتقدمة المزيد من التطور، فيما نحن نسير بمجتمعنا إلى الوراء. فبدلاً من تحديث المناهج بطرق علمية، تعمد مصالح الفاسدين إلى حجب الكتب عن طلبتنا.
لا خلاصة أجدها ابلغ من القول: إن للفساد من يحميه!