اعمدة طريق الشعب

المشاريع العمرانية أحلامنا المؤجلة !/ عبد السادة البصري

كلّما أصعد مع سائق تكسي يبدأ حديثه متبرماً عن المطبّات والطسّات والحفر التي تملأ الشوارع دون ردم وتصليح ، كذلك ركّاب الفورتات حديثهم لا يخلو من حزنٍ وأسىً وازدراء لما يرونه في الشارع والسوق ومناطق سكناهم من إهمال شبه متعمد إن لم يكن تعمداً للمشاريع التي تبدأ بها الشركات المقاولة وتتركها في منتصف العمل مخلفةً الازبال ومواد العمل مبعثرة !! ، قبل يومين صعدت مع سائق تكسي ذاهباً الى مقر اتحاد أدباء البصرة فدار الحديث معه حول المطبات والحفر إلاّ انه قال : يمعود ..هذي سهلة ..تعال لمنطقتنا وشوف؟! سألته : ماذا أشوف؟! أجابني : قبل مدة جاء مقاول لتبليط شوارع منطقتنا ( الداوودية ــ حي طارق ) وبدأ بقص الشوارع وفرشها بالسبّيس الاّ انه ترك شارعين دون إكمالهما ، ذهبنا اليه نسأله فقال لنا : خلص السبّيس وما عندي فلوس اشتري حتى اكملهما ، فجمعنا له مبلغا لكنه أخذ آلياته ومستلزمات العمل وذهب ولم يعد، مما جعلنا نضطر الى جمع مبلغ آخر من كل بيت وجلبنا السبّيس والآليات على نفقتنا الخاصة لإكمال العمل .! ضحكت في سرّي وأنا اسمع حديثه هذا، وكأن إكمال المشاريع على الوجه الأمثل أصبح حلماً يراودنا كلمّا نرى مشروعا يبتدئ العمل فيه ! تذكرت منطقتنا ــ شط الترك ــ والتي تقابل الداوودية من الجهة الأخرى كيف بدأ العمل في مجاريها وأرصفتها و شوارعها عام 2010 ثم توقف لتعاود الشركة إكمال ما بدأته الآن حيث تقوم بتبليط الشوارع ولكن .. وآه من هذه ال( لكن ) التي أصبحت غصّة تقف في منتصف أحلامنا .. يقومون بتبليط شارع ويتوقفون قبل نهايته بأمتار ليتركوه ويذهبوا الى شارع آخر وهكذا تجد عملية التبليط وكأنها رقعة شطرنج لم يكتمل تلوينها أو بالعامية ( دشداشة مركعة ) ، ومثل هذه الأعمال الكثير!
هل أصبحت المشاريع التي نتمناها أحلاماً ، أم هل تبخرت هذه الأحلام ولم نعد نبصر سوى خراب وبقايا هياكل ستؤول في آخر المطاف الى ( سكراب) ؟!
لم يتحدث أحدٌ عن هذه المشاريع المعطّلة والخراب الذي يتمدد ويتكاثر يوما بعد آخر في كل شيء ، كما لم يتحدث أحدٌ عن دمنا المسفوك بلا رحمة أو وازع من ضمير على إسفلت الشوارع والأرصفة وفي الأسواق وثلاجات الموتى ، ولم يتحدثوا عن الجوع والنازحين والأزمات المالية المفتعلة ومساكن الإيجار التي تأكل أرواحنا ونفوسنا شيئا فشيئا ،، لكنهم تحدثوا عن طلاب الجامعات والمعاهد ووصفوهم بأقذع وأتفه الأوصاف النابّية التي تخدش الحياء متناسين أن هؤلاء الطلبة يقاومون هذا الخراب والإرهاب والموت والإفلاس بكل محبتهم للوطن ليتزودوا بالعلم والمعرفة عسى ولعل أن تسنح لهم فرصة ليشاركوا في خدمة وبناء الوطن ذات يوم!!