اعمدة طريق الشعب

موسم المدارس موسم القمل! / د. سلام يوسف

«ساعة السودة اللي فتحوا بيها المدارس، انسبينا بالقمل!»
هكذا قالت ام عراق وهي تبحث عن صئبان حشرة القمل في شعر ابنتها والبالغة ست سنوات من العمر.
القمل: نوع من الحشرات المتطفلة يكثر بين الموقوفين والسجناء وطلاب المدارس عند عدم مراعاة شروط النظافة والنظافة الشخصية خصوصا.
القمل حشرة رمادية سمراء اللون صغيرة بحجم حبة السمسم ويبلغ طولها حوالي 2,5 مليمتر. تتواجد عادة على فروة الرأس أو في منطقة شعر العانة أو تحت الإبط وتعتاش على دم المضيف عن طريق عض طبقة الجلد. عندما تفقس من الصئبان، يكون لونها أبيض ولكنه سرعان ما يتغير إلى اللون البني المحمر بمجرد تغذيتها على دم الإنسان. لها 6 أرجل ذات مخالب قويه تمكنها من التمسك بالشعر بقوة حتى أثناء الاستحمام. ليس لها أجنحة ولا تستطيع القفز، تسبب الإحساس بشيء يتحرك على فروة الرأس، وتسبب الحكة القوية المزعجة وقد تسبب الجروح في الفروة، مع ظهور حبوب حمراء صغيرة على فروة الرأس والرقبة والأكتاف بسبب تحسس جلد الإنسان للعاب الحشرة عندما تتغذى على دمه.
المرض جلدي شديد العدوى بواسطة اللمس وبواسطة استخدام حاجيات شخص مصاب، علماً أن وجود وانتشار هذه الحشرة يعتمد بالاساس على البيئة والوعي الصحي المتمثل في النظافة العامة والنظافة الشخصية والعادات والسلوكيات ..الخ.
ولما كانت المدارس تعد من المحتشدات إضافة الى كونها تعاني ظروفا بيئية متردية، لذلك فأن الطلبة (وخصوصاً الطالبات) وأهاليهم يعانون الأمرين حينما يبدأ موسم المدارس حيث تبدأ معاناتهم الحقيقية بالشكوى من الإصابة بالقمل.
ولعل سعة انتشار القمل والأمراض الجلدية الأخرى كالجرب مثلاً، قد حدا بدائرة الصحة العامة في وزارة الصحة والبيئة مؤخراً، الى توجيه توصياتها الخاصة للحد من انتشار تلك الأمراض الى دوائر الصحة كافة وكل التشكيلات ذات العلاقة.
ان الحالة المأساوية التي يعانيها طلبتنا وخصوصاً في المناطق التي اهملتها الحكومات السابقة واللاحقة لا تقتصر على تدني مستوى التعليم وحرفه باتجاهات أخرى وإنما قد شملت حتى صحتهم وصحة عائلاتهم، حيث أصبح الطلبة أنفسهم عاملا ناقلا لكثير من الأمراض الى داخل بيوتهم.
الأن وقد حلت الواقعة! فما العمل؟
إن هذه الحالة المرضية المجتمعية إنما تعكس انطباعاً نفسياً غير مقبول كونه متعلق بالنظافة الشخصية والتي أعتقد لم تعد لوحدها سبباً مقنعاً، فإن التراجع البيئي والوضع الاقتصادي المتردي هما السبب الأكثر مقبولية في تفسير أسباب سعة انتشار أمراض مجتمعية من نوع كهذا قضت عليها شعوب سبقتنا في مكافحتها.
إن استخدام العلاجات المضادة ما هي الاّ مواد كيمياوية لها أضرارها فيما لو أسيء واستخدامها فقد عمدت الكثير من العائلات الى الاستخدام العشوائي لتلك المضادات بل واستخدمت مواد كيمياوية سببت الحروق الكيمياوية والحساسية للبشرة ولفروة الرأس( كالنفط الأبيض مثلاً)، وأصبح الأطفال يعانون مرتين، مرة من المرض نفسه ومرة من (العلاج).
لذا فإن الحل الآني المقبول هو القيام بحملة علاجية – توعوية في كل المحتشدات وأولها المدارس والمواقف والسجون، وجعلها مهمة وطنية من الدرجة الأولى كونها تدخل في صلب حياة ونشاط ونفسية الأجيال الناشئة، وبمشاركة فرق وزارة الصحة والبيئة ومنظمات المجتمع المدني كافة وبمساهمة فاعلة من قبل كل وسائل الأعلام وتنوعاتها.