اعمدة طريق الشعب

المواطن من يتحمل خطأ الموظف الحكومي؟ / سلام القريني

كنت قد عزمت على اصدار البطاقة الوطنية اسوة ببقية الخلق من الشعب، ومعي عائلتي ومستمسكاتي الأربعة التي بدونها لا يمكن اعتبارك مواطنا اصليا. فملأت الاستمارة الالكترونية لكل افراد العائلة وبسعر خمسة آلاف دينار لكل استمارة، وحجزت موعدا الكترونيا ايضا، ثم ذهبت في التاريخ المحدد ومعي عائلتي الى مقر البطاقة الوطنية الذي يبعد عن المدينة بحدود اربعة كيلومترات، وكان الاستقبال جيدا من قبل موظف الاستعلامات، وجرى تأشير اسمائنا، وتحديد رقم الحاسبة، واسم الضابط المعني بتمشية معاملاتنا، تمهيدا لبدء اخذ بصمات الأصابع وقزحية العين، وكل هذه الأمور جرت بانسيابية دون ضجر او ازعاج، بعدها تحولنا الى قسم التدقيق، حيث كانت الواقعة وما ادراك ما الواقعة!
قال لي الضابط «حجي.. مسقط راسك لم يثبت معه اسم المحافظة بالجنسية»، أجبته «لكن مثبت اسم القضاء وهو تابع لهذه المحافظة»، فقال «ميصير»، فقلت له «ابني خذ هذه جنسية تعداد ١٩٤٧ مثبت فيها اسم المحافظة وهي وثيقة رسمية»، ليجيبني «صحيح بس ميصير»، قلت «اذا صحيح ليش ميصير ما معترف بيها كوثيقة؟ ثم هل انا من اغفل كتابة اسم المحافظة عند اصدار هوية الاحوال المدنية ام الموظف الحكومي؟». فأجاب مستاءً «حجي ما مكتوب في سجل الاساس، روح جيب صورة قيد»، قلت «من اين؟»، فقال «نفوسك الاصلية في البصرة - ابو الخصيب»، أجبته «نفوسي الحالية في كربلاء»، فقال «روح خلي يسوولك كتاب». فقلت مع نفسي «بكل بساطة.. روح للبصرة بعد اربعين سنة!».
وما حيلة المضطر!؟ أعدت العائلة إلى البيت، وذهبت في الصباح الباكر إلى البصرة، وراجعت دائرة النفوس، ففتحوا السجل ووجدوا صفحتي ممسوحة، فقال الموظف «تفضل حجي هذه صورة قيدك ممسوحة ارجع لكربلاء»، فأجبته «الحل شنو»، فقال «نفوس كربلاء تدزك للعامة في بغداد للقيود القديمة».
ومباشرة ذهبت إلى كربلاء، ومن كربلاء إلى بغداد، وكان استقبال دائرة النفوس حلوا.. المدير جالس في الاستعلامات يحوّل المعاملات بكل سهولة ويسر، والضباط ورتبهم يرحبون بالمواطن، لكن من دون قبض، إذ وجدت صفحتي غير واضحة بالميكروفيلم، فأعطوني كتاب إجابة «لا ياكل ولا يشرب»، وعدت إلى نفوس كربلاء، «صفن الضابط وظل يكلب بالاوراق ويدقق», بعدها سحب قصاصة ورق وكتب فيها: «دائرة البطاقة الوطنية.. اقامة دعوى قضائية للمدعي (أنا) على المدعي عليه امين السجل المدني في كربلاء». ومباشرة اجلب شهودك ومستمسكاتك وصور قيد للاشقاء والشقيقات، فأصبح لدي ملف ضخم، وارسلوني إلى النفوس العامة في بغداد، وهناك قالوا لي «حجي هسه ترجع لكربلاء وبعد شهر تجي تستلم قرار باضافة اسم المحافظة وتعيش وتسلم!».
اقول لوكيل وزارة الداخلية د. عقيل الخزعلي، الذي كان يوما زميلي في المهنة: «أما كان بالإمكان منح صلاحيات لمدراء الاحوال المدنية لتلافي مثل هذه الاشكاليات؟ الى متى يظل المواطن يتحمل اخطاء غيره؟».