اعمدة طريق الشعب

داود العزاوي ..مؤتمر على انغام ليزرية !/ حسين الذكر

سألني سائق الكيا : (ان البامية، نزلت للسوق، لكن كثير من العراقيين لا يستطيعون شراءها، لان سعرها بلغ عشرين الف دينار ما يعادل 15 دولار، كمبلغ صعب بدخل سنوي لشعب ما زال اكثر مواطنيه فقراء برغم ادعياء الديمقراطية ولعاني الدكتاتورية). فقلت له : (هذه مسألة طبيعة تتناسب مع وضع شاذ لبلد يعد زراعيا منذ الاف السنين حيث الماء والزرع والتربة واليد الفلاحية ، كانوا يسمونه بلاد النهرين وارض السواد، لكن حكوماته المتعاقبة قتلت روح المبادرة الزراعية، لدرجة ترسخت اكذوبة استيراد الخضروات لتوصية ورغبة بنفس المسؤول) .
كنت بمعية الكابتن داود العزاوي في جامعة دجلة لحضور مؤتمرها العلمي السنوي،كضيوف من قبل السيد العميد علي الحسن والكابتن جبار هاشم، وقد ابهرتني كارزما الجامعة مقارنة مع بعض (الجنابر) التي تدعي تجنيا بانها جامعات، اذ تجولنا ببعض الاقسام العلمية، حيث وجدنا صرحا علميا يرتقي لان يكون مرفقا خدميا، فضلا عن كونه مبحثا علميا ومصنعا معرفيا، بلا غرور، اذ ان ما رأيناه جعلنا نفرح، ليس فقط لضخامة البناء وتعدد الاقسام، بما يتناسب كما وحجما ونوعا مع إحدى روائع التحف العلمية العراقية الحديثة في زمن قلت التحفوية فيه، وانما وجدت الجانب الخدمي والانساني والرياضي معزز لدرجة التطبيق والافادة، حيث قسم الاسنان باكثر من عشرين مقعدا يعالج بها المواطنون مجانا، واقسام تعنى بالعلاج الليزري خصوصا،ما يتعلق بالاصابات الرياضية تشكل طفرة نوعية، اذا ما سلطت الاضواء عليها حد التسويق .
في القسم الليزري وجدت الدكتور عدنان الجبوري، وقد بدا متناغما مع شخصية الجامعة كنشاط وادارة وعلم وخدمة وامل، اذ ظهر مع الرياضيين وعلق على اصابات اللاعبين وامكانية علاجها في الجامعة، لا سيما الاصابات المزمنة والطارئة، والأمراض الجلدية او التشوهات الظاهرية التي يمكن أن تشكل عائقا نفسيا للاعبين، حيث ابدى استعداده لمعالجة ومساعدة رياضيينا بأسعار مقبولة مع عناية طبية مثالية .
في طريق العودة حيث أوصلني الاستاذ العزاوي بسيارته، وقد اتحفنا بسماع اصوات قمم الغناء العراقي القبانجي والغزالي.. وقد شدا يوسف عمر بصوته الرخيم العبق وكانه يستحضر حضارة تاريخ بلادي ويتغنى بأحلى الانغام، يوم كان الغناء تنمية ذوقية وتهذيب نفس وتربية وطنية، صدح فيها يوسف عمر بصوت عالي، منشدا ( عليك منّي السلام يا أرض اجدادي – ففيك طاب المُقام وطاب إنشادي) ... وفيما اغرورقت عينانا بالدموع استحضرنا ماضينا وحاضرنا، وقد مررنا مصادفة بمتوسطة المأمون، التي قال عنها داوود العزاوي : انه من مؤسسيها وقد خدم فيها اكثر من خمس وعشرين سنة حتى التقاعد، شارحا كيفية تأسيس العمل الرياضي، حيث احرز بطولات بغداد بالسلة والقدم والعاب القوى واليد وغيرها من العاب، ساهمت في رفد ودعم المنتخبات الوطنية كافة، اذ كان مدراء المتوسطة يتعاونون معه ويبددون الصعاب برغم كونهم غير رياضيين، وقد ساعدوه في انشاء ساحات وصالات لعب وتدريب، لن تجد مثلها حاليا،في اي مدرسة عراقية بعد ان اصبح درس الرياضة في عداد الموتى، وقد ضحكت كثيرا حينما سالت العزاوي : (هل زرت متوسطة المأمون مرة اخرى) فقال : (حاولت زيارتها بعد عودتي من الخليج، ولم أفعل، بعد سماعي ان المدراء الجدد قد رموا الكؤوس وارثها الرياضي في المخازن. كما ضحكنا من قبل في جامعة دجلة، حينما قال جبار هاشم وهو يعرفنا بالدكتور الجبوري : (انه صديق امي، التي تتبارك وتتفاءل بكل ما يكتبه لها من وصفات دواء تساعدها على تحمل الام الكبر والمرض).