اعمدة طريق الشعب

إن ولكِنَ و .. !/ يوسف أبو الفوز

طغى حدث اختطاف عدد من الطلبة والناشطين في الايام الماضية، من قبل مجموعة خارجة عن القانون، على كل الاحداث التي تابعها صديقي الصَدوق أَبُو سُكينْة، خصوصا وانه يعرف بعض الشباب المعتقلين، ويعرف اهاليهم، فصار يسأل متجهماً عن كل شاردة وواردة، خصوصا مواقف رجالات الدولة والقوى السياسية التي تتشدق بالديمقراطية وحرصها على تطبيق الدستور. وحين أعلن عن اطلاق سراح المختطفين، ظهرت البسمة على وجهه. لكنه لم يخف قلقه.
قال جَلِيل: عملية الاختطاف أثارت الكثير من الاسئلة المقلقة عند الناس، والمهم أن اطلاق سراح الناشطين المدنيين المختطفين يعتبر انتصارا باهرا على قوى الظلام وحلفائها من قوى الفساد والمحاصصة. فقاطعه أبُو جَلِيل:لا تتفلسفون براسي،إن ولكن، السالفة وما بيها، نحتاج حضور ووجود ملموس للدولة. قالت زوجتي:ان بعض كبار مسؤولي الدولة وبرلمانيين أعلنوا ادانتهم لجريمة الاختطاف وطلبوا التحقيق بالحادث، وان النصر سيبقى ناقصا ان لم يتم تقديم الجناة للعدالة وفق قوانين الدولة.
تنحنح أَبُو سُكينْة، فأنتبهنا الى انه يريد الكلام. التفتنا اليه فقال: سمعت بالاخبار ان رئيس الوزراء، اعلن إنه حين تم اغتيال مسؤول في شركة غاز الشمال،أمر باجراء تحقيق سريع في الحادث، وذهبت لجنة خاصة من وزارة الداخلية إلى السليمانية وإطلعت على الأدلة، وكشفت أن عناصر في شرطة السليمانية هم من نفذوا العملية. وطالب بتسليمهم الى الجهات المعنية في بغداد لينالوا جزائهم العادل، وأكد انه من غير المسموح انتهاك أمن المواطنين، فهو من موقعه لا يفرق بين مواطن وآخر، ويجب حماية كل مواطن .
وسعل أَبُو سُكينْة، من جديد، وجر شهيقا عميقا واكمل: هذا كلام حلو ومعّدل،أتمنى من الاجهزة المعنية ان تعمل بنفس الهمة، مثلما في السليمانية، وخصوصا ان الجناة قريبين منهم، شمرة عصا، وان لا تترك اسئلة عديدة ومهمة يتداولها العراقيون بدون جواب، مثل من هي الجهة التي نفذت جريمة الاختطاف؟ ومن هي الجهة المعنية التي ستتولى التحقيق مع الجناة، ومتى يتم تقديمهم الى القضاء لمحاسبتهم؟والا سنبقى بإن ولكن، وتتكرر جرائم الاختطاف، وربما تتحول الى اغتيالات، وتتكرر سالفة محيسن.
وهذه حكاية ـ عزيزي القاريء ـ يتداولها الناس بتفاصيل مختلفة، وفحواها واحد يعود الى ايام أحد الانظمة المقبورة، حين زاراحد مسؤولي الدولة الكبار قرية، مع الكاميرات والصحفيين، فتقدم منه الفلاح محيسن بأسم القرية، وطالب بفتح مدرسة، وشارع مبلط الى القرية، ومستوصف، وكف يد الشرطة من الاعتداء على الناس واخذ الخاوة من الفلاحين المساكين.
سجل المسؤول الكبيركل المطاليب ووعد بتنفيذها في اقرب فرصة. وبعد عام، جاء مسؤول آخر وبنفس الهرجة من المصورين والصحفيين، فتقدم منه احد رجال القرية وقال له: وعدتونا ولم تنفذوا وعودكم.. وين المدرسة؟ وين الشارع المبلط؟ وين المستوصف؟ و .. وين محيسن؟