اعمدة طريق الشعب

ظاهرة الغش في الامتحانات الجامعية ! / عماد جاسم

لم يعد الامر خافيا او مستورا, بل امسى موضوعا للتندر و»استعراض العضلات», لكن ليس تلك التي يفخر بها الرياضيون وانما التي يفتخر بها اعداد من الطلبة الجامعيين الفاشلين , المحبين لإظهار ذكائهم في فنون الغش واستغفال المراقبين اثناء مراقبتهم في الامتحانات.
والمؤسف ان سلوك الغش لم يعد مشينا او محل انتقاد ورفض مجتمعي، حتى بات الطالب الابن يشيع (ملاعيب) غشه وسط افراد عائلته ومع ابويه بروح من الزهو , متناسيا ان ذلك يتنافى مع ابجديات الاخلاق واحترام العلم. كما ان ابتكار اساليب الغش تنوعت بشكل عجيب ولم تعد قاصرة على (البراشيم )او انتظار رحمة بعض الاذكياء الذين قد يتكرمون بمعلومة او اجابة سريعة لمن هم ادنى منهم ذكاء او معرفة. اذ باتت عمليات الغش تتعدى القوالب الجاهزة او السلوكيات المعتادة, حيث اصبحت للتقنيات الحديثة مساهمتها الفاعلة في تحنيط العقل وتسهيل انتشار وباء الغش المستفحل بين صفوف الطلبة الجامعيين الذين ما عادوا يكترثون لتهديد ووعيد ادارات الجامعات او عمادات الكليات التي بدت عاجزة عن ايجاد الحلول في مواجهة تمدد تلك الظاهرة.
ووصل الامر الى حد سكوت الكثير من المراقبين الاساتذة عند رؤيتهم حالات الغش المتكررة خوفا من الملاحقة العشائرية او من نفوذ بعض الطلبة واستقوائهم بجماعات حزبية مسلحة تجعلهم محصنين من اي ملاحقة قانونية. كما ان الاستاذ بحكم غياب الحماية المطلوبة او العقوبات الحقيقية التي لابد ان تنفذ بحق ممارسي عملية الغش، بات لا يعير لعملية الكشف اي اهمية معتبرا ذلك سلوكا مألوفا في ظل الفوضى التي مهدت لاستفحال تلك الظواهر في غياب الحزم والتشدد في تنفيذ الحكم القانوني القاطع المتمثل في فصل الطلبة الذين يتم اكتشاف حالات غشهم في الامتحانات النهائية , حتى تكون هناك ثمة هيبة للجامعات وبالتالي للعلم عموما.
والمضحك المبكي في ظاهرة الغش ان الطالب الجامعي يستثمر اغلب مديات وطاقات عقله وخبرته الاجتماعية والمعلوماتية في الوصول الى اليات عجيبة وحديثة و مبتكرة لاستغفال الاساتذة والمراقبين. لكنه يتغافل عن امكانية استثمار نصف تلك الطاقات والمديات لتشغيل عقله ومراجعة محاضراته او نظرياته وإعادة استيعابها او حفظها لتكون راسخة في ذهنه.
ويبدو ان احدى مشاكل انتشار الغش يعود الى آليات التدريس التي تعتمد على الحفظ والتلقين وليس على آليات التحليل والكشف والاستنطاق المنهجي للمعرفة.