اعمدة طريق الشعب

سؤال بيجي الصامت / قيس قاسم العجرش

بشكل شبه يومي، تنفذ طائرات قوات التحالف(أعني الطائرات الأمريكية طبعاً) ضربات جوّية بالقرب من بيجي. وهذا الأمر موثق في الإصدار اليومي لفعاليات ما يسمى:(قيادة العمليات المشتركة لعملية «العزم الصلب»). يومياً يكون هناك(قنص) لوحدة تكتيكية، أو عربة مسلّحة تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، يجري رصدها بالقرب من بيجي، ومعالجتها على الفور.
تفترض أيّ خبرة متواضعة في العمليات العسكرية، أن بيجي قد أصبحت الى الخلف كثيراً من خطوط المواجهة بين القوات الأمنية العراقية ومقاتلي التنظيم. صحيح أن مناطق الحويجة وغرب كركوك مازالت خارج السيطرة، ويتواجد فيها مقاتلو التنظيم، لكنَّ الخط الصاعد من تكريت الى الموصل قد جرى تأمينه عبر معارك انتقلت من قرية الى قرية، ومن مزرعة الى أخرى. ومع هذا، فمازال طيران التحالف يرصد أهدافاً لـ «تنظيم الدولة» يمكن قنصُها.
بالعودة قليلاً الى ذاكرة الأخبار، نتذكّر أن مصفى بيجي، قد استغرق جهوداً ودماءِ كثيفة من الجانبين، اللذين حاولا انتزاع السيطرة عليه، ثم حُسم الأمر لصالح القوات الأمنية العراقية. السيطرة على المصفى، والانتصار يومها كان عنواناً اعتبارياً في معركة تعمل فيها المعنويات بأهميّة استثنائية. وربما هذا الأمر هو ذاته الذي دفع بـ»تنظيم الدولة» الى العناد الشرس في محاولة الإستيلاء عليه. المهم، هذا كلّه أصبح من الماضي، وانتهى وجود داعش (المفروض إنه انتهى) من المصفى ومحيطه بالإضافة الى بلدة بيجي نفسها. ومع هذا، لم يغِب المصفى عن الأخبار، وهناك من تحدّث عن عملية واسعة جرت لتفكيك المصفى ونقله الى مكان آخر. أو تفكيك وحدات منه. ولم يصدر أي تعليق رسمي يؤكد أو ينفي.
لو صحّت البيانات الأمريكية عن الإستهداف شبه اليومي لوحدات من داعش تحاول الإقتراب من بيجي، أو من المصفى. فإننا هنا إزاء معركة من نوع خاص. وستكون فيها الأهداف مغايرة تماماً لما تعلنه كلّ أطراف الصراع. لم تعد بيجي ساحة من ساحات «الرباط!» كي يبذل «تنظيم الدولة» كل هذه الجهود من أجلها الآن. ولا هي تتمتع بثقل سكّاني يمكن أن يستميله التنظيم فيحكم التمترس فيه لو حدث وان استوطنه.
أمّا الحساسية الأمريكية والإفراط في محاولة مراقبة هذه المنطقة، وتسيير طلعات قنص يومية وعلى مدار الساعة فيها، فهو أمر يقول بمنتهى الوضوح: إن ما تخشاه الولايات المتحدة هنا قد تجاوز أمر التنظيم الإرهابي.
فهل هناك مصدر عراقي يحسم لنا هذه التساؤلات؟.