اعمدة طريق الشعب

عريان السيد خلف في المرايا / ريسان الخزعلي

.. وها انت على سرير الشفاء، تطوف حولك قلوب محبّيك راجفةً مع خفقات قلبك الذي لم يأنس يوماً بغير هواهم الذي تعشق ويعشقون. إنَّ جدران غرفة العناية المركزة لم تكن حاجزاً عن مرأى (تل الورد)..، وها هي العيون تنفذ لتراكَ جالساً في موقعك الأثير، مقدمة (بيتنا الثقافي). وما كانت العيون نافذةً فحسب، انهم يدخلون سرّاً، يحيطونك بالمحبة وتحيطهم بالشعر محبّةً، فلا تتململ من سرير الشفاء، فهو زورق عودتك اليهم، وانَّ المرايا الآن معلّقة في مرفأ الوصول لتلمحَ برق الاشارة. اذن، انت في المرايا من قبل ومن بعد. وها هو النوّاب الكبير يراك في مرآته ( صيّاداً للهموم ) :
عبد هلكَد طمع بمحبّة الناس.. إو تريد إشكَد بعد تنحب يمحبوب .
اننا نحبك اكثر من ( اشكَد ) هذه يا عبد.. يا عريان السيد خلف ابن ارضنا العراقية العظيمة، ونسمعك من منافينا تؤنس وحشتنا التي لا تنتهي الا اذا عدنا الى تلك الارض بشراً احياءً أو شواهد قبور، ونعرف ان عراقنا يزخر بالنواطير الحقيقيين. وفي مرآة الشاعر عبد الرحمن طهمازي، تكون قد حررت الصمت بقوله : تتمتع قصائد عريان السيد خلف بامتيازات شعر العاميّة العربية لجنوب العراق، وهي امتيازات أصيلة يمثلها اكثر من أي عنصر آخر.. المواد غير المحدودة للوقائع والتطلعات المشتركة التي تتقاطع احياناً كالفولكلور اللغوي (للأغنية) وتتماسك مرّات كثيرة كقصيدة حديثة لها موضوع وجداني مستقل لا يلبث ان يكون مناسبة خاصة لإنفعال الشاعر بما هو مشترك. كما انت في مرآة الناقد علي جواد الطاهر: لقد أجدت وجوّدت يا عريان ووصلت بالفن الشعري العامي الى مصاف الفصيح. واذا كان لي ثمّة كِسرة من مرآة، فانت فيها طيف شعري يقرّب الاقدمين الى الحضور، ويشارك الأحدثين في اشتراطاتهم. هذا الطيف قد اختطف بريق العيون وتسلل الى القلوب ساحراً يستحوذ على محبة ابناء الشعراء لآبائهم، وان كانوا مع الآباء ذاهبين .لقد كانت الابوّة انحيازاً لشعر عريان السيد خلف من دون لماذا.
انَّ الأبوّة هذه ، تحنو كثيراً، وتنتظر العودة من سرير الشفاء الى سرير الحياة يا ابا خلدون..