اعمدة طريق الشعب

مو ترَخصنه من الحجي! / عادل الزيادي

في مدينة الديوانية وقبل حلول الظلام، يتوافد المواطنون الساكنون في المناطق البعيدة، الذين قدموا إلى مركز المدينة للتسوق من أسواقه، على سيارات الأجرة لتقلهم إلى مناطقهم، إلا انهم يكونون لقمة سائغة لسائقي سيارات التاكسي، الذين يفرضون عليهم أسعارا مرتفعة من دون رحمة، ما يحدو بالمواطنين إلى انتظار سيارات الأجرة الكبيرة في «كراج التحدي» وسط المدينة، لكون أجرتها مناسبة. وتلافيا للخروق الأمنية، جرى وضع بعض نقاط التفتيش في الكراج لتسهر على حماية المواطنين (ربما هذا ما تحسد عليه المحافظة)، ونصبت موانع اصطناعية لمنع تسلل السيارات والستوتات وحتى الدراجات البخارية التي تصول وتجول دون ضابط يمنعها وغير آبهة لقانون السير الصحيح. ويتجمع المواطنون في مكان معين في انتظار قدوم سيارات الأجرة الكبيرة، ولكن المفاجأة حصلت عندما وصلت سيارة أجرة وهي تسير في الاتجاه المعاكس لتأخذ غنيمتها من الركاب! فاعترضها الشرطي المرابط عند الحاجز الاصطناعي، واعترض السائق لعدم اذعانه الى قواعد السير. ولكن «حضرة» السائق ابرز وجهه بثقة وابتسامة عريضة من نافذة السيارة، وقال: «اي مو ترخصنه من الحجي!»، وكان يشير الى الشرطي الآخر الذي استحصل منه الموافقة على العبور. فأومأ الشرطي الاول الى الثاني بالموافقة، وملأ السائق سيارته بالركاب حتى غصت بهم وهم غير آبهين. وهنا يدور التساؤل: كم من الانفس أزهقت بهذه الشاكلة وتحت ذريعة «ترخصنه من الحجي»؟ وكم تفجيرا إرهابيا راحت ضحيته جموع من الناس نتيجة ذلك؟ وكم طفلا تيتم؟
وحينما يكون الحادث الاسود قد حدث فسيكون الحجي خارج القضية. ففي القانون الحقيقي الذي يحمي ارواح المواطنين لا فرصة لـ «مو ترخصنه من الحجي»، ولا سلطة للحجي الذي تمنحه القدرة على السماح لهذا او ذاك بمخالفة القواعد العامة.
دعوا الحجي خارج الأمر، وليكن القانون فوق الجميع سواء اتفق ام تعارض مع رغبة المخالفين, خدمة للصالح العام وحرصا على ارواح المواطنين.