اعمدة طريق الشعب

الالحاد في العراق بين الواقع والمبالغة !/ عماد جاسم

ظهرت مؤخرا بعض الخطابات لزعامات دينية وسياسية تحذر من انتشار ظاهرة الالحاد بين الشباب بل وطالبت بمحاربة تلك التوجهات , هذه المطالبات قوبلت بردود فعل متنوعة فهناك من وجد بها قصدية لخلط المفاهيم ومحاربة الثقافة المدنية لأجل التشويه ومغازلة الطابع الديني للمجتمع وهناك من وجد فيها دعاية انتخابية ,والبعض رحب بها لخطورة هذه الظاهرة على المجتمع من وجه نظرهم,
ووجد الكثير ان هذا التنوع في تعدد وجهات النظر لهذه الظاهرة (اولنقل لهذه الهواجس من احتمالية وجود هكذا ظاهرة) يدلل على ان هناك تباين خلاق وايجابي في مجتمعنا العراقي , ففي الوقت الذي اعرب محافظون واسلاميون عن قلقهم , وشددوا على اهمية ايقاف زحف هكذا نوع من الظواهر نتيجة الاختلاط بالمجتمعات الغربية او التواصل المعرفي عبر شبكات التواصل الاجتماعي , طرح اخرون اسئلة لها ارتباط على ارض الواقع مفادها , الم يضمن الدستور حرية الاعتقاد ؟ ولماذا تتكرر هذه التحذيرات الان تحديدا ؟ واين المعطيات والمؤشرات التي تدلل على وجود الحاد في العراق ؟
بعض المتابعين فرقوا بين مصطلح الالحاد ومصطلح (اللاديني ) مضيفين ان المرجح وجود فئة شبابية تعيش حالة اغتراب نفسي ومجتمعي وتعبر عن استيائها من الوضع الجديد بوجود احزاب الاسلام السياسي التي تحكم البلاد وفشلت في ادارتها على مدى ما يقرب من عقد ونصف , فتهرب نحو مقاطعة التدين دون ان يوجد لديها اي علم او دراية بقضية الالحاد والتي تحتاج الى رؤية فلسفية ومنهج حياتي مغاير لما هو مطروح من حالة رفض مجتمعي نابع من رد فعل تجاه ما يحصل في البلاد من فوضى وغياب الخدمات وهيمنة سلطات متعدد مع ضياع الامل بالتقدم والارتقاء بسبب تفشي الفساد وانتشار الرشوة والمحسوبية ,
ولعل من الاخطاء الشائعة التي اخذت تتناولها بعض المنابر الثقافية والسياسية والدينية والاعلامية ايضا هو ربط الالحاد بالمدنية , وربما تشويه المطالب التي تطمح باقامة دولة مدنية عصرية تحترم القانون وتطمح الى تقليل تمدد الدين الى المجالات العامة والسياسية , وربما بات من المهم دراسة الظواهر الاجتماعية بشي من التروي والتعقل وتعريفها بروح من التفهم بعيدا عن الاتهمات المجانية لتقليل اي نوع من العداء , لان ثقافة وتطلعات الشباب هو نتاج مباشر لوضع البلد من ارهاصات ومناكافات سياسية وعند معرفة المدخلات علينا استيعاب المخرجات!