اعمدة طريق الشعب

متى تنفّذ وعود مكافحة التسول؟ / ودود عبد الغني داود

منذ بضعة اسابيع أعلن مدير الشرطة المجتمعية من على شاشة التلفاز الرسمي، عن وضع الخطط لمكافحة ظاهرة التسول، والتي تتضمن إلقاء القبض على جميع المتسولين وعدم اطلاق سراحهم الا بعد استحصال ضمانة خطية من ذويهم.
وصرنا نأمل في ان يتم الاسراع في تنفيذ ما أعلن عنه بجد وعزم، والاستمرار بلا هوادة وتراخ قبل ان تنفلت الامور وتصبح خارج السيطرة. فقد أخذت أعداد المتسولين تتصاعد يوماً بعد آخر، وباتت تشكل خطورة جسيمة على الأوضاع الاجتماعية بشكل عام وسلامة حياة المواطنين بشكل خاص.
ويعتبر شارع الربيعي في بغداد نموذجاً للأمكنة التي ينتشر فيها المتسولون، ففي مساء الثلاثين من حزيران الماضي، وفي احدى القيصريات التجارية الحديثة الواقعة في الشارع، شاهدت احد المتسولين يتهجم على صاحب محل تجاري، لكون الأخير منعه من الدخول إلى محله بأسلوب هادئ ومؤدب.
والحالة الثانية شاهدتها عند بوابة القيصرية ذاتها، فقد كان هناك رجل سبعيني يصطنع الإعاقة. حيث يجلس في عربة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويستعطي من المارة في مشهد تمثيلي متقن. واثناء مراقبتي له عن كثب خلال عشرة دقائق فقط وانا اتناول المرطبات، كان قد جمع ذلك اثني عشر الف دينار. فلنتصور حجم ما يجنيه من نقود خلال اليوم الواحد، عبر خداع الناس. وبمجرد ان ألقيت نظرة على الكارتون المتخم بالنقود والمخفي بين طيات (دشداشته) وانا أروم المغادرة، تقدم مني شاب مفتول العضلات وهددني وأمرني بالانصراف فورا! فانصرفت فعلاً وانا اشاهد في طريقي اعداداً من المتسولين المخادعين من رجال ونساء مبرقعات ومحجبات، وصبية واطفال جانحين يجوبون الشارع بمطلق الحرية.
الى متى يستمر السكوت عن هذه الحالة الخطيرة التي باتت على وشك ان تفتك بالمجتمع وتقلب الموازين رأسا على عقب، على الرغم من التحذيرات المستمرة من قبل منظمات المجتمع المدني والصحافة والمواطنين؟