اعمدة طريق الشعب

كراهية مدرّة للأرباح / قيس قاسم العجرش

حتى أعتى مجرمي التاريخ، وجدوا في النهاية من يدافع عنهم، طبعاً نسختنا العراقية حاضرة. ومع كل البطش والتنكيل وقلّة العقل التي أبداها صدّام، فليس من الصعوبة أن نُصادف من يدافع عنه.
الأمر لا يفسّر بالطريقة الفرويدية، ولا بحاجة الى المرحوم الكبير علي الوردي ونظرياته عن سلوك المجتمع العراقي(مات الوردي وهو يسميها «فرضيات» تواضعاً واحتياطاً من جانبه لتوخي الدقّة العلمية).
الأمر أبسط، فـ(عقل الكراهية)هذا، يرى في تمجيد طاغية مثل صدّام منفعة سيقبض ثمنها فعلاً، ولا يهم إن كان متوهماً، المُهم أنّه يتصّور أن في هذا التمجيد منفعة ما.
وحتى نفلت بجلودنا من مستنقع الوهم هذا، نحن مدعوون الى التفريق بين من يتخذ منهاجاً السمو فوق الأحقاد والطائفية، ويختار الترابط المجتمعي وسيلة لحياة أفضل(حتى لو كان له هدف انتخابي خلف ما يطرح من أعمال)، وبين من شَرَع بالفعل في برنامجه الانتخابي المكرر القائم على(الكراهية)فقط.
وبالتأكيد فإن رئيس مجلس النواب حين التقى سفير الجارة تركيا (أسناني تؤلمني حين أتذكر جارات العراق!)، وصاغ أحد موظفيه الإعلاميين خبر اللقاء، ثم وضع عبارة(التعاون الأمني بين البلدين)، ربما التقطها من خلال الحديث. على أن يخبرنا أحد ما لاحقاً بمعنى(التعاون) الأمني هذا، بينما القوات التركية تحتل أرضاً عراقية، وتجنّد(ميليشيات) لا تشرف عليها الحكومة العراقية.
ربما حكومتنا هي الأخرى(تعالت) على الأحقاد بطريقة النسيان المفضّلة، وبعد أن وعدت بالتعامل مع الوجود التركي المسلح على انه وجود معادٍ، الآن اختارت (وضعية الطيران!)، وامتدت المشاكل لتحدث مُصادمات من نمط ما حدث قبل أيام في الساحل الموصلي الأيسر.
البعض لا يرى ان شباب الموصل يمكن أن يكونوا عراقيين تماماً وكمالاً، يريد ان يرى فيهم نسخة داعشية تستحق اللعن والقتل فقط! لكن هذا الشباب وقف باجلال عند قبور الشهداء في النجف ومنح العالم رسالة ودرساً في الممكنات.
لكن قائمة(الكراهية)الانتخابية موجودة بالفعل، وربما تكون قد سجّلت نفسها ككيان سياسي ودفعت لمفوضية الانتخابات رسومها. طبعاً لا نعلم ان كنا سنمضي الى الانتخابات بنفس المفوضية المحاصصاتية، أم انها ستتغير؟.
ربما يغيرونها.
وربما نشهد نسخة مُعادة من منح الثقة لمفوضية حقوق الانسان. لكن هنا نعني (انسان) الحصص، التقسيمة إياها(شيعي، كردي، سنّي، أقليات).
أخجل أن اكتبها، فكيف لم تخجلوا وانتم تصوّتون بالكراهية لحسابها؟. ومنذ سنوات رأى فيها العراقيون كل ثمرات الكراهية، وأكلوها وطفحت مَعِداتهم منها عنوة.