اعمدة طريق الشعب

برلمان الكيا! / محمد موزان الجعيفري

اذا كنت تريد ان تتعرف على نبض الشارع وما يدور فيه من ردود فعل حول مسألة يحتدم عليها النقاش في الساحة السياسية، ما عليك الا ان تطلع على احد المنتديات الشعبية ذات التوجهات المستقلة بكل معنى الكلمة، الا وهو ان تركب سيارة «الكيا» وهناك سوف تشاهد بنفسك هذا الحال الذي اسميه بـ «البرلمان المصغر»، الذي يضم كل مكونات الشعب العراقي الاثنية والدينية والمذهبية والسياسية من كبار في السن وشباب من رجال ونساء، من مثقفين وبسطاء في المعرفة. ولكن شتان ما بين برلمان الكتل السياسية الذي يسمى «البرلمان العراقي» و»برلمان الكيا». ففي هذا الأخير لا توجد محاصصة ولا «تشيلني وأشيلك» ولا توافقات سياسية ولا نفاق سياسي، بل ستجد الصدق في طرح الهم العراقي على حقيقته بالرغم من اختلاف وجهات النظر وتعدد الآراء في معالجة هذا الهم، ولكن العامل المشترك في ما بينهم «العراق»، بل تكاد طروحاتهم تكون انضج من طروحات البرلمانيين واصدق، لأنها نابعة من مشاعر وعواطف صادقة. فالمواطن عندما يتكلم وينفعل لا يلام على ذلك، لأن القاسم المشترك بين المجتمعين في «الكيا» هو العراق وذم الفاسدين المتنفذين وتحميلهم مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع في البلد.. اختلاف برلمان «الكيا» يكون من اجل العراق، وهذا الاختلاف لا يترجم الى سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وأشلاء متطايرة من اجساد الابرياء، وتزايد جيوش الارامل والأيتام. وعندما يترجل الراكب من «الكيا» فهو مصحوب بالسلامة وطيبة الخاطر، وأنت لا تعرفه إن كان من دينك او مذهبك او قوميتك، ولكن تعرف عراقيته.
دعوة خاصة الى البرلمانيين ان ينزلوا من بروجهم العالية ويركبوا «الكيا»، ليتعلموا من هؤلاء الناس مدى ايمانهم بحب الوطن بعد ان افقد بعضهم الغربة والعيش في فنادق اوربا ذات الـ «خمس نجوم»، الحس الوطني، بعد أن باعوه في سوق العمالة السياسية للأمراء والملوك والرؤساء والذين لا يريدون الخير للعراق. ومهما يكن الثمن لهذا البعض، المهم الحفاظ على المناصب والامتيازات، والنتيجة هي ما يعانيه الشعب من الدمار والخراب والدماء التي تراق والأرواح التي تزهق على مدار اليوم. كل هذا يحدث امام اعينهم وهم يرفعون اصواتهم ويقولون انه الارهاب (الارهاب الذي لادين له)، ولكن من جلب هذا الارهاب؟ ومن موله؟ ومن وفر الحاضنة له؟ ومن يدافع عنه؟ ومن يعطيه المبررات؟
فيا ايها البرلمانيون اما آن لهذا الشعب الطيب ان يستريح مما تجلبه مراهقتكم السياسية من ويلات؟ اما شبعت غرائزكم من السلطة والصراع على مغانمها وفضيحة استجواب وزير الدفاع العبيدي كشفت مدى هذا الصراع والاستهانة بالشعب العراقي، وكشفت المستور.
دعوة اخيرة اليكم ان تحقنوا دماء هذا الشعب ان كانت عندكم بقايا من ضمير.