اعمدة طريق الشعب

من قضايا البيئة المعاصرة / لطيف عبد سالم

تعد النفايات من قضايا البيئة الملحة في عالم اليوم، بعد أن تحولت إلى إحدى أبرز المشكلات البيئية التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية المعاصرة؛ بالنظر لتزايد أحجامها بصورة مطردة على خلفية بروز مجموعة من المتغيرات، والتي أبرزها، الزيادة السكانية المتأتية من ارتفاع معدلات النمو السكاني، زيادة معدلات الاستهلاك وتزايد أنواع المخلفات، لا سيما النفايات الخطرة بفعل التوسع الصناعي، بالإضافة إلى استخدام المعادن المشعة. ويشار إلى النفايات بوصفها المواد أو الأشياء الصلبة أو السائلة أو الغازية التي تجري إزالتها، أو يلزم التخلص منها بطريقة آمنة بالاستناد إلى أحكام القوانين الدولية والوطنية. وعلى الرغم من تصنيف المتخصصين النفايات من حيث خطورتها إلى نفايات حميدة ونفايات خطرة، إلا أن الدوائر البلدية ملزمة بوجوب التخلص منها بآليات تحقق الأمن والسلامة؛ إذ أصبحت النفايات إحدى القضايا المعاصرة التي لا تزال تؤرق الإدارات البلدية والعلماء والأفراد؛ نتيجة خطورة ما يحتمل من آثارها وسلبية تداعياتها، والتي ينظر إليها بوصفها مشكلات غاية في الصعوبة والتعقيد، من شأنها المساهمة في تدهور الكثير من عناصر البيئة والتأثير على الصحة والسلامة العامة، فضلا عن تهديدها مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
يعود انتشار النفايات في المناطق السكنية والمراكز الصناعية والتجارية إلى مجموعة من العوامل الموضوعية، التي من بينها تطور النشاط الصناعي بفعل التقدم التقني المتسارع الذي أدى إلى زيادة حجم المخلفات الصناعية، وصعوبة التخلص من القمامة المتنامية، فضلا عن تطور المجتمعات الإنسانية ونهضتها الحضارية، التي ترتبت عليها سعة حجم الاستهلاك البشري لمختلف المنتجات، فضلا عن الاستنزاف الجائر للموارد الطبيعية، ما فرض على جميع المجتمعات وجوب التخلص من النفايات بالسعي الجاد للتعامل معها بما متاح من السبل التي بوسعها المساهمة في تحقيق الأمن البيئي، والحد من المخاطر البيئية والصحية التي يمكن أن تسببها تلك النفايات.
ليس خافيا أن بلديات المدن في بلدان العالم المتقدم، تركن إلى اعتماد طريقة الطمر الصحي في معالجة الكميات الهائلة من المخلفات الناجمة عن مختلف الأنشطة البشرية المنزلية و الزراعية والصناعية والإنتاجية؛ بوصفها أفضل سبل التخلص من النفايات اليومية التي ينتجها الإنسان بشكل يحقق سلامة البيئة، ويضمن المحافظة على الصحة العامة. ويعد الطمر الصحي من الطرق الحديثة المتقدمة التي جرى اعتمادها لمعالجة النفايات عبر القيام بشق حفرة في الأرض، وتجهيزها بسطح عازل لأجل ضمان منع اختلاطها بمواد أو أوساط أخرى، تمهيدا لإيداع المخلفات فيها والعمل على رصها قبل تغطيتها بالتراب، في حين تعتمد أجهزة البلدية في البلدان المتخلفة أو قليلة التحضر أساليب بدائية وغير سليمة في عملية التخلص من أكداس القمامة مثل اللجوء إلى فعالية الحرق أو رميها في البحار والأنهار، ما يعني قصور الإدارات البلدية في إيجاد حلول جذرية للحد من تلك المشكلة البيئية الخطيرة؛ نتيجة ضعف فاعلية التدابير الإجرائية واقتصارها على النشاطات أو ربما الاجتهادات الفردية، لا سيما البطء في التخلص من النفايات، وعدم إمكانية استيعاب الكم الهائل منها في مكب واحد، إلى جانب ما يتعلق من هذه الاعتبارات بتفعيل القوانين التي من شأنها القضاء على ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات وتثقيف الأهالي حيال خطورة الآثار الناتجة عن تكدسها.