اعمدة طريق الشعب

فتش عن صاحب المصلحة / قيس قاسم العجرش

"كُلهم حرامية!".
هذه العبارة ربما يندر أن نجد عراقياً لم ينطق بها، او لم يسمعها من آخر. وهي تساق في العادة للتعبير عن السخط على مُنتجات العمل السياسي الراهن في العراق. صحيح أن الفساد فوّت فرصة مهمّة وممتازة على تحولنا الى دولة ريادية في المنطقة، والى مجتمع ديمقراطي منسجم ومتصالح مع المبادئ العليا لدستوره. وصحيح أن هذه العبارة فيها الكثير من الشعبوية، والحكم الكسول بلا إعمال للعقل، لكنها عبارة مؤثرة تجد ذيوعاً، خاصة حين يميل العقل الى السلوك الجمعي.
هنا، تصبح وقفة المثقف هي المنجاة. وانا اعني هنا الباحثين عن دور للمثقف.
لنطرح السؤال التالي: اذا لم ينطق المثقف الآن، فمتى ينبغي أن يقول كلمته؟
والسؤال الآخر: لمصلحة من ترسيخ الادعاء "أن الديمقراطية جلبت علينا اللصوص؟"، ما يؤدي الى ان تستسيغ الأذن عبارة"كلهم حرامية"!
فتش عن المصلحة، وستعرف من يساند اشاعة اللاعقلنة هذه. فتش عن المصلحة، وستعرف من يسعى عن عمد وتخطيط الى أن يزيد في جهل الناس، ويمنع عنهم مدارسهم، ويجعل نساءهم يؤثرن الزواج والإنجاب منذ أولى سنوات الطفولة، ويجعل همّ العامة ان يسترضوا مسؤولاً أو رجل دين بحثاً عن تعيين حكومي في دائرة بلا عمل أصلاً.
التيار المناهض للتخندق الطائفي والمُحاصصي عليه أن يعمل على هذا الملف؛ ملف تجهيل الناس المتعمّد. وعليه أن يقدّم كشفاً واضحاً لما آلت إليه تجربة اللاتخطيط، وتجربة اللامنهج، من الفوضوية الابتزازية والنفعية سيئة الصيت.
لو نجح هذا التيار في عَرض حقائق الخراب ومنابعه، فسيغزو الجمهور بمفاتيح وطنية عراقية خالصة. وسيحاول تيار المحاصصة والطائفية أن(يُعقّد) الإنتخابات، أعني أن يجعلها قضية(عقائدية) فضلاً عن تعقيدها الفعلي عبر قانون لا يراعي العدالة، وهذا هو كل رهانهم ولا شيء لديهم غير هذه الأطروحة البائسة.
والأولى بالتيار المُناهض للمحاصصة أن يجعل كل ما هو عظيم بثقله في هذه الكفّة، وأن ينتهي بحملة الإنتخابات وقد عرّف اكبر عدد من الناس بالجهة التي تسببت بهذا الخراب، وهذا أفضل من أي حصاد لأي اصوات.