اعمدة طريق الشعب

الديمقراطية باتجاه النجف! / طه رشيد

في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي نشر في مجلة الهاتف البغدادية لصاحبها جعفر الخليلي أكثر من عشر قصص مترجمة من عدة لغات في العالم بما فيها الدانماركية!
وقبيل ذلك كانت هناك مجلة متخصصة بالأدب النسوي، تدافع عن حقوق المرأة. ولا أريد أن أخوض بما حققته ثورة تموز 1958 من إنجازات كبيرة في تفعيل المجتمع المدني!
فأين نحن من ذلك الماضي، حين كان وزير المالية حسقيل ساسون (اليهودي الديانة والعراقي الانتماء) يرفض تصليح سيارة الملك من خزينة الدولة!
منذ استيلاء حزب البعث على السلطة وأحكام قبضته على الدولة والمجتمع، بدأت بوادر الخراب تتضح، سواء بشنه حروباً عبثية داخل العراق او خارجه، وما ألحق من أضرار في بنية المجتمع المدني نتيجة الإجراءات القمعية كالتهجير القسري، واختفاء مئات آلاف الناس في حملات "الانفال" سيئة الصيت! ولا بد من الإشارة الى الفساد المالي والإداري في تلك الحقبة، وهناك مئات وآلاف الشواهد على ذلك، ولم يكن " سامكو " إلا نموذجا لفسادٍ تأسس بشكل عميق، واستفحل لاحقا بعد السقوط المشين للنظام السابق.
ولكن الخطورة في فساد النظام الحالي، كونه أصبح جزءا من التركيبة المبنية على المحاصصات والطائفية والعرقية، بالرغم من ان شكله ذو تجليات ديمقراطية، كما تكون هناك انتخابات حقيقية رغم التزوير والأخطاء التي ترافقها!
والخطورة الأكثر أهمية للفساد برمته تكمن في ان يكون المواطن جزءا منه! وهذا ما تحاول القوى الفاسدة اشاعته لخلق أجيال تتماهى مع هذه الآفة الكبرى وكأنها جزء طبيعي من العملية السياسية، مرة تحت غطاء تبريري بقبول " الهدية - الرشوة " ومرة أخرى تحت غطاء ديني ملتوي يجيز سرقة أموال الدولة، ما دامت هناك شكوك بآهلية الحاكم! وفي مرات عديدة يبرز فساد السياسيين أنفسهم وفساد مكوناتهم السياسية من أجل هدف آخر بعيد وهو إسقاط العملية السياسية برمتها، لأنها لا تروق لهم ويحنون إلى وجود دكتاتور يجلس الدهر بكامله على رقاب الناس!
وإذا ما استمر الوضع على هذه الشاكلة، فإن ما تفاءلنا به من فسحة للحرية ومن تجليات للديمقراطية الناشئة، سيتم تشييعه إلى مقابر النجف! وهناك نقرا الفاتحة على روح العراق الذي تمنيناه ديمقراطيا تعدديا تداوليا وموحدا!!