اعمدة طريق الشعب

متى تنتهي معاناة أبنائنا ..؟ / عبد السادة البصري

قبل أيام جاءني ابني الأصغر بوجهٍ أصفر مرتجفاً يركض من المدرسة عند انتهاء الدوام. تفاجأت بوضعه ، لكنه دخل راكضا الى المرافق صائحاً: مثانتي وحالبَيَّ سينفجران من اعتصار البول ، لأنني محصور منذ الدرس الثاني ولا توجد مرافق في مدرستنا والمدير يمنعنا من دخول مرافق المدرّسين!
استشطت غضبا لحالته فاتصلت بصديقي مسؤول الإعلام في تربية البصرة لأخبره بالموضوع ، فقال: هذه جريمة كيف يترك المدير مدرسته بلا مرافق صحية ودورات مياه؟ أجبته: الأمر بيدكم وعليكم أن تقوموا بزيارات تفتيش ومتابعة لكل المدارس لأن اغلبها تفتقر للمرافق ، وأبناؤنا الطلبة يعانون في الكثير من مناطق المحافظة من هذه الحالة نتيجة الإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية الحقيقية من قبل المدراء وعدم متابعتكم الجدية لهم!
قال: هوّن عليك ، سأسعى لحل هذه المشكلة. في تلك اللحظات تذكرت مدرستنا التي كنت فيها أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي في جنوب الفاو ، كانت مبنية من الطابوق والطين ،لكن مرافقها الصحية والحمّامات نظيفة جدا والماء يجري بها في كل لحظة ، حيث لم يشعر الطالب بشيء ينغّص عليه استيعابه للدروس وحضوره اليومي للدوام !
ان علينا أن نسعى بشكل جدي وانتماء حقيقي لهذا الوطن الذي قدم أبناؤه الدماء كالأنهار على مذبح الحرية ضد النظام الفاشي المقبور، ودفاعا عن الأرض والمقدّسات ضد الإرهاب وداعش، وان نكمل نصرنا الذي تكلل بالقضاء على الدواعش، من خلال العمل الجاد للقضاء على الفساد ومنابعه وثقافته وبناء المواطن والوطن. فقد نخرته سوسة الفساد وتغلغلت في كل جسده ولم يسلم جزء صغير أو كبير منها أبدا ،، وما معاناة أبنائنا الطلبة في مدارسهم التي تفتقر إلى الأعمار والترميم إضافة إلى النقص في الكتب والقرطاسية وانعدام وسائل الإيضاح والطلبات غير المنطقية من قبل إدارات المدارس من طلّابها، إلاّ مفصل من مفاصل الفساد هذا !
علينا أن نطرّز نصرنا الذي صنعه الشهداء والجرحى والمجاهدون من أبنائنا، بالعمل على بناء المدارس والمستشفيات وخدمات الماء والمجاري، وحل أزمة الكهرباء والسكن والأزمة المالية التي صارت شمّاعة نعلّق عليها كلَّ أخطائنا وفسادنا وسوء إدارتنا، في كل مؤسسة ومرفق خدمي!
علينا أن نتوحّد بالقلب والعقل والضمير والإنسانية الحقيقية من اجل بناء وطننا الذي أنهكته مخالب الحروب والإرهاب والفساد وعاثت بكل زاوية من زواياه، ونهبّ بقوةٍ لأعماره وقبل كل شيء لاقتلاع الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين والمقصّرين والمهملين عمداً وغفلةً. كذلك محاسبة الذين أثروا على حساب قوتنا ودمنا وسعادتنا وازدهار مدننا وتقدّمنا ، ولكي نكون عراقيين بحقٍّ نسعى لحرية الوطن وسعادة أبنائه!