ادب وفن

أبو سرحان.. كرستال القصيدة الشعبية العراقية الحديثة / سفاح عبد الكريم

الشاعر والكاتب كلاهما متصاهران في البحث عن الحقيقة والمفقود ولحد معرفتي بهما انهما في عوالم متجانسة ومختلفة ومتداخلة في التكوين الابداعي والتلوين لاختيار وكتابة نصوص تلتقي في التوجه الصحيح لتدوين نصوص تقرأ في حينها او تدق أجراس وتفتح ابواب المستقبل القريب والبعيد. ولقصر عمر ابو سرحان الزمني وامتداده الشعري الذي ملأ مساحة وفراغاً وكان سعيه مؤثراً في الاتجاه الدلالي المنتقى في الميثولوجيا وبدقة اختيارية أضفى بصنعته جمالاً في الأفق الغنائي والموسيقي وحدا في الوسط الثقافي بابجديات الزمن وبعمومية مطلقة في الاستشراق في الكشف عن المهام اللزومية في التكوينات الابداعية الشعرية الحسية والجمالية المتوجهة صوب الحداثة والمعاصرة. ولقد سعى الشاعر والكاتب ريسان الخزعلي وبمصداقية ومحبة خالصة وقدرة ايمانية وروحية في اختيار نصوص كتبت اغلبيتها في السبعينيات من قبل الشاعر الكبير "ابو سرحان" ذياب كزار والتي أفصحت عن نفسها بطلاقة متناهية دون الانتماء لأحد من كتاب الاغنية سوى باحقية الشعر المفروضة عليه ولما فيها من مؤهلات فنية ترتقي لوحدة النص الغنائي الشعري الذي انتبه اليها الكاتب ريسان الخزعلي ولأنه يدرك القيمة الفنية للشعر عرف اختيارها ووثقها لاهميتها وهي توازي وتسابق النصوص الاخرى المكتوبة بلغة مختلفة وتسارع الزمن وتوثق الخطى في الثبات والنطق بزمن لا نعرف مداه ما دمنا نحتاج اليه في الغناء والاسترخاء. وقد صدحت نصوص الشاعر ابو سرحان أصوات كان لها دوي مسموع ومميز. ان تجربة الشاعر ذياب كزار التي استخلصها الكاتب الخزعلي بوعيه كانت مؤشراً حقيقياً وإن توقف عند حدود معينة فيها لا يعني ان فقد رؤياه فيها لكنه أراد دعوة المتلقي في البحث عن نتاجات القى الشاعر فيها ضالته في البحث والايماء في الصورة او المعنى وكان ذلك واضحاً في اختياره للغة التي كتبت فيها.
ان المساحات التي تحرك فيها ابو سرحان والتي وثق فيها الدلائل والرموز وبشفافية عالية كان المقصود منها فعل الحدث بتنامي وايضاح المعنى دون الايغال في البساطة التي اعتدنا عليها في الاستماع اللا مجدي احياناً. كان مختلف في كتابة النص شكلاً ومضموناً ولم يكلف المتلقي سوى الاستماع لها وكانت مهمته الاولى في الاختيار لتراكيب مفردات معقولة (صورية- وجمالية) متحركة.. لقد استحق الشاعر ابو سرحان في هذا الاطراء من قبل الكاتب وغيره في التكريم والتنبيه والكشف عن هذا المنجز الغنائي الشعري الابيض حيث استطاع الكاتب في هذا المطبوع التبويب كعادته في اسلوب الكتابة الاستعراضية والنقدية الصحيحة. ان الشاعر ابو سرحان كانت دعوته واضحة في الالتفات للنصوص من قبل الملحنين والمطربين في مغامرة الاختيار واطلاق شرارة اخرى تشعل الوسط الغنائي التطريبي الحركي وتحفيز الشعور واللا شعور في استقبال الحدث المتوخى منه في كتابة النص دون الالتفات الى هيكليته المعهودة. ولقد فعلها من قبله الشاعر الكبير زهير الدجيلي وناظم السماوي وزامل سعيد فتاح وكاظم الرويعي وجبار الغزي والسائرون على نهجهما من بعد. وقد أرشف الشاعر ريسان الخزعلي اغلبيتها كونها وقفة ابداعية متفردة جادة تنطق بخصوص الاغنية العراقية الحديثة.
ان البحث عن مثل هكذا نتاجات في مطبوع يراد منه المعرفة والارشفة والانتباه معاً لتقويم الذاكرة والذائقة. لذا أجد الوقوف عند هذه المحطة ضرورياً عن رمز يستحق الاكثر كغيره من المبدعين. وربما كان في ذلك حاجة ضرورية الذي انتقاها الشاعر والكاتب ريسان الخزعلي لاهتمامه في هذا المشوار الصعب الجميل.