ادب وفن

حصاد نوعي لـــ (مناجـل) كاظم الركابي في الناصرية ..!/ علي فهد ياسين

أستضاف جمهور اتحاد الادباء والكتاب في محافظة ذي قار وادارته ، كوكبة نوعية من فرسان الثقافة العراقية ، في حفلِ بهيج خُصص لتوقيع مجموعة الشاعر الراحل كاظم الركابي ( مناجل ) على قاعة المركز الثقافي في الناصرية مساء أمس الخميس 27-2-2014 .
كانت فقرات الحفل موزعة بعناية بين كلمات لأصدقاء الشهيد ورفاق دربه الابداعي وبين فقرات غنائية رائعة من كلمات الراحل كان المطربين الراحلين ( سعدي الحلي وستار جبار ) قد أتحفا جمهورهما بها ، قدمها الفنان ( جاسم الخياط ) بلمساتِ خاصة انتزعت أعجاب الحضور، قبل أن يختتم الغناء الفنان ( ماجد الصياد ) بأنشودة ( داري ) التي شارك فيها الجمهور مرددا أسم الناصرية بحماسة تعًود عليها منذ سماعه الانشودة للمرة الاولى في مطلع تسعينات القرن الماضي بصوت الملحن الكبير الراحل ( طالب القره غولي ).
أول المتحدثين كان الشاعر ( أكرم الغزي ) الذي أنفق على إصدار المجموعة من ماله الخاص ، بعد أن أدارت المؤسسات الثقافية ظهرها للمبدعين الاصلاء من شاكلة الراحل الركابي ، كان زميلا له وصديقاً ومبدعاً كبيرا ًيعتز بمنتوجه الثقافي المميز بجيله النوعي المتفرد ، ثم جاء دور الشاعر ( رياض النعماني ) الذي أسمعنا مقاطعاً من ( مقدمة ) خص بها مجموعة الشاعر، فكانت أضافة ابداعية وفكرية غاية في الثراء والوفاء وبألقاء ( نعماني ) أنيق تعودنا عليه ، قابله الجمهور بحرارة تصفيق تليق به ، قبل أن يساهم الفنان ( حسين نعمة ) بحديث اختاره مختصراً ومركزاً على سجايا الراحل و ما قال أنه ( كان متفضلاً عليه ) حين قدمه للجمهور بأولى أغانيه ( يا نجمة )، التي لحنها الفنان الكبير ( كوكب حمزة ) فكان بريقها خاطفاً لقلوب وابصار جمهور الذائقة الفنية الراقية وفاتحاً الابواب على مصاريعها أمام عمودِ جديد للغناء العراقي في وقت تكتظ فيه ساحته بقامات فنية سامقة ، طبعت علاماتها المميزة على جيل قادم خلف سلاطين الغناء، ( داخل حسن وحضيري ابو عزيز وناصر حكيم ) ، في متوالية ابداعية لا تنسى ، ثم أرتقى المنصة ( الباذخ بأردية الشعر ) الشاعر ( عريان السيد خلف ) ، ليعيد ذواكرنا الى احتفالية أربعينية الفقيد حين أعاد علينا بوجدانيةِ لا تنسى مساهمته المميزة في توصيف مرسوم بريشة موجوع بفراق من لا يمكن تعويضه على المستويين الشعري والانساني ، التقط همًه الجمهور فشاركه الفجيعة بحرارة التصفيق .
كانت مشاركة ادارة أتحاد الادباء والكتاب في ذي قار منسجمة مع أجواء الاحتفالية ، فقد وضع رئيس الاتحاد الاديب ( ياسر البراك ) بصمةً جديدة على لوح العمل الثقافي في العراق عموماً والناصرية على وجه الخصوص ، حين أرتجل كلمةً قصيرة لكنها ( مدججه ) بالاحتجاج على منهجية السياسيين الماسكين بالسلطات والمهتمين بمنافعهم الشخصية والحزبية على حساب حقوق العراقيين متعددة الوجوه ومنها الثقافية تحديدا ، عاداً، الفرق بين تكديسهم للثروات وبين جهود المثقفين الزارعين رياض الثقافة من أموالهم الشخصية ليخففوا بها من كوارث التجهيل التي يضرب بها السياسيون اسس البناء المطلوبة لإعادة الحياة للعراق الذي هشمتها صراعاتهم، فرقاً بين صنًاع الحياة وأعدائها.
مجموعة الركابي ( مناجـــــل ) هي الأولى والوحيدة التي تصدر للشاعر، الذي ولد في الناصرية عام 1948 ، وابتدأ مع الشعر في مطلع ستينات القرن الماضي ، وهو من رعيل ( فحول الشعر ) الاوائل ، وقد أسس لمهرجان الشعر الشعبي الاول في العراق مع الشاعرين ( جبار الغزي وعادل العضاض ) الذي اقيم في الناصرية عام 1969 ، وقد ساهم بشكل فاعل في العديد من الانشطة الابداعية وكتب العديد من النصوص الغنائية الرصينة اضافة الى الاعداد والتقديم لبرامج اذاعية خاصة بالأدب الشعبي ، قبل أن تبدأ

فصول القمع والارهاب الفكري كمقدمة للحرب التي أجهزت على عقودِ من الانجاز الثقافي ولازالت، مثلما اطاحت بمرتكزات البناء الاخرى التي لازالت نتائجها ماثلة للعيان ، وليس أدل على منهج الشاعر المنحاز لشعبه والمواجه للمتسلطين عليه ، من عدم طباعة مجموعته من أي مؤسسة حكومية في العهدين البائد والجديد.
لقد شارك في حفل التوقيع ، أضافة للمساهمين في فقراته ، الشعراء ( طاهر سلمان ومهدي عبود السوداني ) ومجموعة من شعراء الناصرية من أجيالِ مختلفة، أضافة الى شخصياتِ سياسية واعلامية، وقد كان مسك الختام مشاركة نجل الراحل الشاعر ( نبيل الركابي ) بقراءة مقاطع من ديوان والده وقصيدة من نظمه ، قبل أن يوقع نسخا من المجموعة وُزعت مجاناً بمبادرة من الشاعر ( أكرم الغزي )،على الحاضرين .
كان لعريف الحفل الشاعر والناقد ( علي شبيب ) لمسات مميزة أخرج بها قوالب التقديم عن المألوف ، أستحسنها الجمهور وبثت في أجواء الحفل بهجةً مضافة ، مثلما كان للفرقة الموسيقية للنشاط المدرسي لتربية ذي قار حضور رائع في إغناء الحفل بأنغامها الرائعة وأدائها الفني العالي، كذلك كانت مشاركة طلبة معهد الفنون الجميلة في الناصرية بعرض حوارية الراحل الركابي والشاعر عريان على شاشة القاعة أثر جميل لتنويع فقرات الحفل .
الشكر والتقدير لجهود المشاركين معدين ومقدمين وضيوف ومضيفين .
والذكر الطيب لشاعرنا الجميل الراحل كاظم الركابي .