ادب وفن

ثم غاب القمر/ د . عباس الجميلي

الدكتور عباس الجميلي، الأستاذ في كلية الفنون بالبصرة قال "لا ادري بأي رباطة جأش أو أريحية بصراوي أن أنعي مبدعا نادرا كالراحل العزيز طارق الشبلي بأي شيء سأبدأ وبأي فكرة سأنتهي، هل تسعفني ذاكرتي وحزني أن استجمع قواي لأكتب بما يستحق، لقد عرفت الكبير الشبلي في نهاية الستينات وبعد ان تعمقت العلاقة وكنا كمن يبحث عن الآخر، كان هناك أمران شكلا عمق العلاقة بيننا الفكر والفن ، كان طارق مهووسا بفنه بشكل لا يتركك واجما مادام العود بيده، انه بنك كبير بل بنك مركزي للألحان ،اجزم انه يستطيع أن يعطيك في اللحظة أكثر من تلحين لشعر ما يميز هذا المبدع الكبير هو عفويته الفنية وسهولة وجدة الحانه، انه السهل الممتنع وهذه ميزة الاصلاء، حدثني مرة عن غرفة إعدامه التي انتظر بها طويلا ويجاوره سجناء من حزب الدعوة وكانوا يدندنون أو يقرؤون أدعية بطريقة ملفتة طبعت بذاكرته حولها بعد خروجه من السجن الى الحان معروفة جدا الأمر الآخر بعفويته.
ان جميع ألحانه دون تمييز مسموعة وتحتفظ بصفة الديمومة والعذوبة والروح العراقية، ميزة أخرى وخصوصية تشكل تاريخا في مسيرة الأغنية العراقية السياسية والوطنية ولنتذكر ثلاثة من الحان طارق ألشبلي منها: "مكبعه" ورحت امشي يمه وعمالنا صفوف صفوف متوحدة جفوف جفوف" وأغنيته المشهورة:" مرني بشمع زفتك"، لحنها لشهداء الحزب، ثلاث أغاني وطنية سياسية تماما أتمنى أن يسمعها الشعب من فنانه طارق الشبلي والذي استطاع بقدرته الفائقة وصميميته الفنية والعراقية الصافية ان يمنحها حساً عاطفياً ورغم كون كلماتها سياسية نجده قد أخرجها من روح أغاني المارشات وأصوات الآلات الهوائية المعتادة ، وهكذا كانت عشرات الأغاني السياسية التي قدمها في مناسبات الوطنية وفي مقدمتها ذكرى تأسيس حزبه الشيوعي العراقي الذي نحتفل هذه الأيام بذكرى ميلاده الثمانين.
إن الألم كبير جدا حيث نفتقده ونحن نعيش أعياد آذار الخالد وفي مقدمتها الذكرى الثمانون لتأسيس حزب الشهداء حزب فهد وحازم وصارم وسلام عادل وقوافل الشهداء ، لا ادري كيف ستكون الاحتفالات وفارسها قد ترجل، الذكر الطيب لفقيدنا الغالي طارق الشبلي وعزاؤنا في موته انه يعيش بيننا اليوم وغدا بألحانه وبمنجزه الفني الكبير. نم يا أبا زياد قرير العين فرفاقك ومحبوك سيواصلون الطريق في سبيل وطن حر وشعب سعيد".